الْحَقِّ وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ رَسُولَهُ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا لِأَنَّهُ إذَا أَظْهَرَ دِينَهُ وَمَنْ آمَنَ بِهِ عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ فَجَائِزٌ أَنْ يُقَالَ قَدْ أَظْهَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَنَّ جَيْشًا لَوْ فَتَحُوا بَلَدًا عَنْوَةً جَازَ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْخَلِيفَةَ فَتَحَهُ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ الْقِتَالَ إذْ كَانَ بِأَمْرِهِ وَتَجْهِيزِهِ لِلْجَيْشِ فَعَلُوا
وقَوْله تَعَالَى هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ- إلى قوله- وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَهَذَا أَيْضًا مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ لِوَعْدِهِ مِنْ أَمْرٍ بِالنَّصْرِ وَالْفَتْحِ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ آخِرُ سُورَةِ الصَّفِّ.
سُورَةِ الْجُمُعَةِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ قِيلَ إنَّمَا سُمُّوا أُمِّيِّينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَكْتُبُونَ وَلَا يَقْرَءُونَ الْكِتَابَةَ وَأَرَادَ الْأَكْثَرَ الْأَعَمَّ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ الْقَلِيلُ مِمَّنْ يَكْتُبُ وَيَقْرَأُ
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ وَقَالَ إنَّا نَحْنُ أُمَّةٌ أُمَيَّةٌ لَا نَحْسُبُ وَلَا نَكْتُبُ
وقال تعالى رَسُولًا مِنْهُمْ لِأَنَّهُ كَانَ أُمِّيًّا وَقَالَ تَعَالَى الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ وَقِيلَ إنَّمَا سُمِّيَ مَنْ لَا يَكْتُبُ أُمِّيًّا لِأَنَّهُ نُسِبَ إلَى حَالِ وِلَادَتِهِ مِنْ الْأُمِّ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِالِاسْتِفَادَةِ وَالتَّعَلُّمِ دُونَ الْحَالِ الَّتِي يَجْرِي عَلَيْهَا الْمَوْلُودُ وَأَمَّا وَجْهُ الحكمة في جعل النبوة في أمى إنه ليوافق ما تقدمت به البشارة فِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ السَّالِفَةِ وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ تَوَهُّمِ الِاسْتِعَانَةِ عَلَى مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْحِكْمَةِ بِالْكِتَابَةِ فَهَذَانِ وَجْهَانِ مِنْ الدَّلَالَةِ فِي كَوْنِهِ أُمِّيًّا عَلَى صِحَّةِ النُّبُوَّةِ وَمَعَ أَنَّ حاله مُشَاكِلَةٌ لِحَالِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ بُعِثَ فِيهِمْ وَذَلِكَ إلَى مُسَاوَاتِهِ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا فِيهِ فَدَلَّ عَجْزُهُمْ عَمَّا أَتَى بِهِ عَلَى مُسَاوَاتِهِ لَهُمْ فِي هَذَا الْوَجْهِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
وقَوْله تَعَالَى مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها الآية وروى أَنَّهُ أَرَادَ الْيَهُودَ الَّذِينَ أُمِرُوا بِتَعَلُّمِ التَّوْرَاةِ وَالْعَمَلِ بِهَا فَتَعَلَّمُوهَا ثُمَّ لَمْ يَعْمَلُوا بِهَا فَشَبَّهَهُمْ اللَّهُ بِالْحِمَارِ الَّذِي يَحْمِلُ الْكُتُبَ وَهِيَ الْأَسْفَارُ إذْ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِمَا حَمَلُوهُ كَمَا لَا يَنْتَفِعُ الْحِمَارُ بِالْكُتُبِ الَّتِي حَمَلَهَا وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا وَقَوْلِهِ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها- إلى قوله- كَمَثَلِ الْكَلْبِ
وقَوْله تَعَالَى قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ-
إلى قوله- وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ رُوِيَ أَنَّ الْيَهُودَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute