يَشْتَرِهِ بِأَقَلَّ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ جَازَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ قَبْضَ الثَّمَنِ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ إذَا قَبَضَ الثَّمَنَ فَدَلَّ قَوْلُ عَائِشَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ ذَلِكَ رِبًا فَعَلِمْنَا أَنَّهُمَا لَمْ يُسَمِّيَاهُ رِبًا إلَّا تَوْقِيفًا إذْ لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ اسْمًا لَهُ مِنْ طَرِيقِ اللُّغَةِ فَلَا يُسَمَّى بِهِ إلَّا مِنْ طَرِيقِ الشَّرْعِ وَأَسْمَاءُ الشَّرْعِ تَوْقِيفٌ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
وَمِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ
وَقَدْ رَوَى مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ وَفِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ عَنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ
وَهُمَا سَوَاءٌ وَقَالَ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ إلَّا أَنَّهُ فِي الْعَقْدِ عَنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ بِمِقْدَارِ الْمَجْلِسِ لِأَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَهُمَا دَيْنٌ بِدَيْنٍ إلَّا أَنَّهُمَا إذَا افْتَرَقَا قَبْلَ قَبْضِ الدَّرَاهِمِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ جَائِزٌ وَهُمَا دَيْنَانِ وَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ بطل.
وَمِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا الَّذِي تَضَمَّنَتْ الْآيَةُ تَحْرِيمَهُ
الرَّجُلُ يَكُونُ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فيصالحه منه على خمس مائة حَالَّةٍ فَلَا يَجُوزُ وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ مَيْسَرَةَ قَالَ سَأَلْت ابْنَ عُمَرَ يَكُونُ لِي عَلَى الرَّجُلِ الدَّيْنُ إلَى أَجَلٍ فَأَقُولُ عَجِّلْ لِي وَأَضَعُ عَنْك فَقَالَ هُوَ رِبًا وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَيْضًا النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَكَمِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَعَامَّةِ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ ذَلِكَ شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا تَسْمِيَةُ ابْنِ عُمَرَ إيَّاهُ رِبًا وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ أَسْمَاءَ الشَّرْعِ تَوْقِيفٌ وَالثَّانِي أَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ إنَّمَا كَانَ قَرْضًا مُؤَجَّلًا بِزِيَادَةٍ مَشْرُوطَةٍ فَكَانَتْ الزِّيَادَةُ بَدَلًا مِنْ الْأَجَلِ فَأَبْطَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَحَرَّمَهُ
وَقَالَ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ وَقَالَ تَعَالَى وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا حَظَرَ أَنْ يُؤْخَذَ لِلْأَجَلِ عِوَضٌ فَإِذَا كَانَتْ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ مُؤَجَّلَةٌ فَوَضَعَ عَنْهُ عَلَى أَنْ يُعَجِّلَهُ فَإِنَّمَا جَعَلَ الْحَطَّ بِحِذَاءِ الْأَجَلِ فَكَانَ هَذَا هُوَ مَعْنَى الرِّبَا الَّذِي نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى تَحْرِيمِهِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالَّةٌ فَقَالَ لَهُ أَجِّلْنِي وَأَزِيدُك فِيهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمِائَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute