عِوَضٌ مِنْ الْأَجَلِ كَذَلِكَ الْحَطُّ فِي مَعْنَى الزِّيَادَةِ إذْ جَعَلَهُ عِوَضًا مِنْ الْأَجَلِ وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي امْتِنَاعِ جَوَازِ أَخْذِ الْأَبْدَالِ عَنْ الْآجَالِ وَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ثَوْبًا فَقَالَ إنْ خِطْته الْيَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ وَإِنْ خِطْته غَدًا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ إنَّ الشَّرْطَ الثَّانِيَ بَاطِلٌ فَإِنْ خَاطَهُ غَدًا فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْحَطَّ بِحِذَاءِ الْأَجَلِ وَالْعَمَلِ فِي الْوَقْتَيْنِ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَمْ يُجِزْهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْأَجَلِ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ وَمَنْ أَجَازَ مِنْ السَّلَفِ إذَا قَالَ عَجِّلْ لِي وَأَضَعُ عَنْك فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ أَجَازُوهُ إذَا لَمْ يَجْعَلْهُ شَرْطًا فِيهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَضَعَ عَنْهُ بغير شرط ويعجب الْآخَرُ الْبَاقِيَ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا الدَّلَالَةَ عَلَى أَنَّ التَّفَاضُلَ قَدْ يَكُونُ رِبًا عَلَى حَسَبِ مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَصْنَافِ السِّتَّةِ وَأَنَّ النَّسَاءَ قَدْ يَكُونُ رِبًا فِي الْبَيْعِ
بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ
وَقَوْلِهِ إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ وَأَنَّ السَّلَمَ فِي الْحَيَوَانِ
قَدْ يَكُونُ رِبًا
بِقَوْلِهِ إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ
وَقَوْلِهِ إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ
وَتَسْمِيَةُ عُمَرَ إيَّاهُ رِبًا وَشِرًى مَا بِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ لِمَا بَيَّنَّا وَشَرْطُ التَّعْجِيلِ مَعَ الْحَطِّ وَقَدْ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِي الْأَصْنَافِ السِّتَّةِ الَّتِي وَرَدَ بِهَا الْأَثَرُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جِهَاتٍ كَثِيرَةٍ وَهُوَ عِنْدَنَا فِي حَيِّزِ التَّوَاتُرِ لِكَثْرَةِ رُوَاتِهِ وَاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَاتَّفَقُوا أَيْضًا فِي أَنَّ مَضْمُونَ هَذَا النَّصِّ مَعْنِيٌّ بِهِ تَعَلُّقُ الْحُكْمِ يَجِبُ اعْتِبَارُهُ فِي غَيْرِهِ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى اعْتِبَارِ الْجِنْسِ عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَأَنَّ حُكْمَ تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَى الْأَصْنَافِ السِّتَّةِ وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ هُمْ شُذُوذٌ عِنْدَنَا لَا يُعَدُّونَ خِلَافًا إنَّ حُكْمَ تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ مَقْصُورٌ عَلَى الْأَصْنَافِ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا التَّوْقِيفُ دُونَ تَحْرِيمِ غَيْرِهَا وَلِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَصْحَابُنَا فِي اعْتِبَارِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ دَلَائِلُ مِنْ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي مَوَاضِعَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ فَحَوَى الْخَبَرِ قَوْلُهُ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ كَيْلًا بِكَيْلٍ فَأَوْجَبَ اسْتِيفَاءَ الْمُمَاثَلَةِ بِالْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونِ وَبِالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي التَّحْرِيمِ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ مَضْمُومًا إلَى الْجِنْسِ وَمِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ المخالف من الآية على الاعتبار الْأَكْلِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ وقوله تعالى لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا فَأَطْلَقَ اسْمَ الرِّبَا عَلَى الْمَأْكُولِ قَالُوا فَهَذَا عُمُومٌ فِي إثْبَاتِ الرِّبَا فِي الْمَأْكُولِ وَهَذَا عِنْدَنَا لَا يَدُلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute