للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهَا بَاقِيَ كِتَابَتِهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَالزُّبَيْرِ وَمَنْ قَدَّمْنَا قَوْلَهُمْ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَ الْحَطَّ وَاجِبًا وَلَا يرى عَنْ نُظَرَائِهِمْ خِلَافُهُ وَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِيهِ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَآهُ نَدْبًا لَا إيجَابًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دواد قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْجَرِيرِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا عَبْدٍ كَاتَبَ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَأَدَّاهَا إلَّا عَشْرَ أَوَاقٍ فَهُوَ عَبْدٌ وَأَيُّمَا عَبْدٍ كَاتَبَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَأَدَّاهَا إلَّا عَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَهُوَ عَبْدٌ

فَلَوْ كَانَ الْحَطُّ وَاجِبًا لَأُسْقِطَ عَنْهُ بِقَدْرِهِ وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ وَاَللَّهُ أعلم.

بَابُ الْكِتَابَةِ الْحَالَّةِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً فَاقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازَهَا حَالَّةً وَمُؤَجَّلَةً لِإِطْلَاقِهِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْأَجَلِ وَالِاسْمُ يَتَنَاوَلُهَا فِي حَالِ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْجِيلِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ فَوَاجِبٌ جَوَازُهَا حَالَّةً لِعُمُومِ اللَّفْظِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ تَجُوزُ الْكِتَابَةُ الْحَالَّةُ فَإِنْ أَدَّاهَا حِينَ طَلَبَهَا الْمَوْلَى مِنْهُ وَإِلَّا رُدَّ فِي الرِّقِّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي رَجُلٍ قَالَ كَاتِبُوا عَبْدِي عَلَى أَلْفٍ وَلَمْ يَضْرِبْ لَهَا أَجَلًا إنَّهَا تُنَجَّمُ عَلَى الْمُكَاتَبِ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى مِنْ كِتَابَةِ مِثْلِهِ وَقَدْرِ قُوَّتِهِ قَالَ فَالْكِتَابَةُ عِنْدَ النَّاسِ مُنَجَّمَةٌ وَلَا تَكُونُ حَالَّةً إنْ أَبَى ذَلِكَ السَّيِّدُ وَقَالَ اللَّيْثُ إنَّمَا جُعِلَ التَّنْجِيمُ عَلَى الْمُكَاتَبِ رِفْقًا بِالْمُكَاتَبِ وَلَمْ يُجْعَلْ ذَلِكَ رِفْقًا بِالسَّيِّدِ وَقَالَ الْمُزَنِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ لَا تَجُوزُ الْكِتَابَةُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ نَجْمَيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ ذَكَرْنَا دَلَالَةَ الْآيَةِ عَلَى جَوَازِهَا حَالَّةً وَأَيْضًا لَمَّا كَانَ مَالُ الْكِتَابَةِ بَدَلًا عَنْ الرَّقَبَةِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَثْمَانِ الْأَعْيَانِ الْمَبِيعَةِ فَتَجُوزُ عَاجِلَةً وَآجِلَةً وَأَيْضًا لَا يَخْتَلِفُونَ فِي جَوَازِ الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ حَالٍّ فَوَجَبَ أَنْ تكون الكتابة مثله لأنه يدل على الْعِتْقِ فِي الْحَالِّينَ إلَّا أَنَّ فِي أَحَدِهِمَا الْعِتْقَ مُعَلَّقٌ عَلَى شَرْطِ الْأَدَاءِ وَفِي الْآخَرِ مُعَجَّلٌ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ حُكْمُهُمَا فِي جَوَازِهِمَا عَلَى بَدَلٍ عَاجِلٍ فَإِنْ قِيلَ الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ فَيَحْتَاجُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ إلَى مُدَّةٍ يُمْكِنُهُ الْكَسْبُ فِيهَا فَوَجَبَ أَنْ لَا تَجُوزَ إلَّا مُؤَجَّلَةً إذْ كَانَتْ تَقْتَضِي الْأَدَاءَ وَمَتَى امْتَنَعَ الْأَدَاءُ لَمْ تَصِحَّ الْكِتَابَةُ قِيلَ لَهُ هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ يُوجِبُ ثُبُوتَ الْمَالِ فِي ذِمَّتِهِ لِلْمَوْلَى وَيَصِيرُ بِهَا الْمُكَاتَبُ في يد نفسه ويملك اكتسابه وَتَصَرُّفَهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الدُّيُونِ الثَّابِتَةِ فِي الذِّمَمِ الَّتِي يَجُوزُ الْعَقْدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>