دَاوُد الْمَهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدُ الله بن عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلُ الَّذِي يَسْتَرِدُّ مَا وَهَبَ كمثل الكلب يقيء فيأكل قيئه فَإِذَا اسْتَرَدَّ الْوَاهِبُ فَلْيُوَقَّفْ وَلْيُعَرَّفْ بِمَا اسْتَرَدَّ ثُمَّ لِيُدْفَعْ إلَيْهِ مَا وَهَبَ
وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ مَجْمَعٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم الرجل أحق بهبته ما لم يثبت مِنْهَا
وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُعْطِي عَطِيَّةً أَوْ يَهَبُ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ
وَهَذَا الْخَبَرُ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا صِحَّةُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ وَالْآخَرِ كَرَاهَتُهُ وَأَنَّهُ مِنْ لُؤْمِ الْأَخْلَاقِ وَدَنَاءَتِهَا فِي الْعَادَاتِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ شَبَّهَ الرَّاجِعَ فِي الْهِبَةِ بِالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ وَهُوَ يَدُلُّ مِنْ وَجْهَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَبَّهَهُ بِالْكَلْبِ إذَا عَادَ فِي قَيْئِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ ليس بمحرم على الكلب فما شبه بِهِ فَهُوَ مِثْلُهُ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ لَا يَصِحُّ بِحَالٍ لَمَا شَبَّهَ الرَّاجِعُ بِالْكَلْبِ الْعَائِدِ فِي الْقَيْءِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَشْبِيهُ مَا لَا يَقَعُ بِحَالٍ بِمَا قَدْ صَحَّ وُجُودُهُ وَهَذَا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى صِحَّةِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ مَعَ اسْتِقْبَاحِ هَذَا الْفِعْلِ وَكَرَاهَتِهِ وَقَدْ رُوِيَ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ لِغَيْرِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَفُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عليهم وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّ ذَلِكَ فِي رَدِّ السَّلَامِ مِنْهُمْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ الْحَسَنُ السَّلَامُ تَطَوُّعٌ وَرَدُّهُ فَرِيضَةٌ وَذَكَرَ الْآيَةَ ثُمَّ اخْتَلَفَ فِي أَنَّهُ خَاصٌّ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَوْ عَامٌّ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِ الْكُفْرِ فَقَالَ عَطَاءٌ هُوَ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ خَاصَّةً وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَإِبْرَاهِيمُ وَقَتَادَةُ هُوَ عَامٌّ فِي الْفَرِيقَيْنِ وَقَالَ الْحَسَنُ تَقُولُ لِلْكَافِرِ وَعَلَيْكُمْ وَلَا تَقُلْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِغْفَارُ لِلْكُفَّارِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أنه قال لا تبدؤا اليهود بالسلام فإن بدؤكم فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ
وَقَالَ أَصْحَابُنَا رَدُّ السَّلَامِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ إذَا سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ فَرَدَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَجْزَأَ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى بِأَحْسَنَ مِنْها إذا أريد رَدُّ السَّلَامِ فَهُوَ الزِّيَادَةُ فِي الدُّعَاءِ وَذَلِكَ إذَا قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَقُولُ هُوَ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَإِذَا قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ قَالَ هُوَ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
قَوْله تَعَالَى فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute