تَعْنِي ذَاتَ إقْبَالٍ وَإِدْبَارٍ أَوْ مُقْبِلَةً وَمُدْبِرَةً وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ قَالَ سُؤَالُك هَذَا عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ إنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ عَلَى الْفِعْلِ وَنَصْبِ غَيْرٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكِ أَنَّهُ كَانَ ابْنَهُ لِصُلْبِهِ لِأَنَّهُ قال تعالى ونادى نوح ابنه وقال إنه ليس من أهلك يَعْنِي لَيْسَ مِنْ أَهْلِ دِينِك وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ابْنَهُ لِصُلْبِهِ وَكَانَ لِغَيْرِ رِشْدَةٍ وَقَالَ الْحَسَنُ وَكَانَ مُنَافِقًا يُظْهِرُ الْإِيمَانَ وَيُسِرُّ الْكُفْرَ وَقِيلَ إنَّهُ كَانَ ابْنَ امْرَأَتِهِ وَإِنَّمَا كَانَ نُوحٌ يَدْعُوهُ إلَى الرُّكُوبِ مَعَ نَهْيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إيَّاهُ أَنْ يَرْكَبَ فِيهَا كَافِرٌ لِأَنَّهُ كَانَ يُنَافِقُ بِإِظْهَارِ الْإِيمَانِ وَقِيلَ إنَّهُ دَعَاهُ عَلَى شَرِيطَةِ الْإِيمَانِ كَأَنَّهُ قَالَ آمِنْ وَارْكَبْ مَعَنَا
قَوْله تَعَالَى هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا نَسَبَهُمْ إلَى الْأَرْضِ لِأَنَّ أَصْلَهُمْ وَهُوَ آدَم خُلِقَ مِنْ تُرَابِ الْأَرْضِ وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ مِنْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِيلَ إنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ خلقكم في الأرض وقوله واستعمركم فيها يَعْنِي أَمَرَكُمْ مِنْ عِمَارَتِهَا بِمَا تَحْتَاجُونَ إلَيْهِ وَفِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى وُجُوبِ عِمَارَةِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ وَالْغِرَاسِ وَالْأَبْنِيَةِ وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ مَعْنَاهُ أَعْمَرَكُمْ بِأَنْ جَعَلَهَا لَكُمْ طُولَ أَعْمَارِكُمْ وَهَذَا كَقَوْلِ الْقَائِلِ أَعَمَرْتُك دَارِي هَذِهِ يَعْنِي مَلَّكْتُك طُولَ عُمْرِك
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى فَهِيَ لَهُ وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ
وَالْعُمْرَى هِيَ الْعَطِيَّةُ إلَّا أَنَّ مَعْنَاهَا رَاجِعٌ إلَى تَمْلِيكِهِ طُولَ عُمْرِهِ فَأَجَازَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعُمْرَى وَالْهِبَةَ وَأَبْطَلَ الشَّرْطَ فِي تَمْلِيكِهِ عُمْرَهُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْقِدُونَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ يَرْجِعُ إلَى الْوَاهِبِ
قَوْله تَعَالَى قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ مَعْنَى الْأَوَّلِ سَلَّمْت سَلَامًا وَلِذَلِكَ نَصَبَهُ وَالثَّانِي جوابه عليكم سلام وكذلك رَفَعَهُ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ إلَّا أَنَّهُ خُولِفَ بَيْنَهُمَا لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ الْحِكَايَةَ وَفِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ السَّلَامَ قَدْ كَانَ تَحِيَّةَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَنَّهُ تَحِيَّةُ الْمَلَائِكَةِ
وقَوْله تَعَالَى قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إن هذا لشىء عجيب فَإِنَّهَا مَعَ عِلْمِهَا بِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَقْدُورِ الله تعجبت بِطَبْعِ الْبَشَرِيَّةِ قَبْلَ الْفِكْرِ وَالرَّوِيَّةِ كَمَا وَلَّى موسى عليه السلام مدبرا حين صارت العصاحية حَتَّى قِيلَ لَهُ أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ من الآمنين وَإِنَّمَا تَعَجَّبَتْ لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُقَالُ إنَّهُ كَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً وَلِسَارَةَ تِسْعُونَ سَنَةً
قَوْله تَعَالَى أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عليكم أهل البيت يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ قَدْ سَمَّتْ امْرَأَةَ إبْرَاهِيمَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مُخَاطَبَةِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute