للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَهُوَ مَا اشْتَرَوْهُ بِبِضَاعَتِهِمْ فَإِذَا كَانَ وُقُوعُ اسْمِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ لَمْ يُوجِبْ جَوَازَهُ عَنْ الزَّكَاةِ لَمْ يَكُنْ إطْلَاقُ اسْمِ الصَّدَقَةِ عَلَى الدَّيْنِ عِلَّةً لِجَوَازِهِ عَنْ الزَّكَاةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

بَابُ عُقُودِ الْمُدَايَنَاتِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ الْكِتَابَ وَالْإِشْهَادَ عَلَى الدُّيُونِ الْآجِلَةِ قَدْ كَانَا واجبين بقوله تعالى فَاكْتُبُوهُ- إلى قوله- وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ ثُمَّ نُسِخَ الْوُجُوبُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ وَقَالَ آخَرُونَ هِيَ مُحْكَمَةٌ لَمْ يُنْسَخْ منها شيء وروى عاصم الأحول وداود ابن أَبِي هِنْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا وَاَللَّهِ إنَّ آيَةَ الدَّيْنِ مُحْكَمَةٌ وَمَا فِيهَا نَسْخٌ

وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ ثَلَاثَةٌ يَدْعُونَ اللَّهَ فَلَا يَسْتَجِيبُ لَهُمْ رَجُلٌ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ سَيِّئَةُ الْخُلُقِ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا وَرَجُلٌ أَعْطَى مَالَهُ سَفِيهًا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ وَرَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ بِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَرَوَى جُوَيْبِرٌ عَنْ الضَّحَّاكِ إنْ ذَهَبَ حَقُّهُ لَمْ يُؤْجَرْ وَإِنْ دَعَا عَلَيْهِ لَمْ يُجَبْ لِأَنَّهُ تَرَكَ حَقَّ اللَّهِ وَأَمْرَهُ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ يَعْنِي وَأُشْهِدُوا عَلَى حُقُوقِكُمْ إذَا كَانَ فِيهَا أَجَلٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَجَلٌ فَأَشْهِدْ عَلَى حَقِّك عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ سُئِلَ عَطَاءٌ أَيُشْهِدُ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ بَايَعَ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ قَالَ نَعَمْ هُوَ تَأْوِيلُ قوله تعالى وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ وَرَوَى مُغِيرَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ يُشْهِدُ لَوْ عَلَى دَسْتَجَةِ بَقْلٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ إنْ شَاءَ أَشْهَدَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُشْهِدْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَرَوَى لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا بَاعَ أَشْهَدَ وَلَمْ يَكْتُبْ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَآهُ نَدْبًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَكَانَتْ الْكِتَابَةُ مَعَ الْإِشْهَادِ لِأَنَّهُمَا مَأْمُورٌ بِهِمَا فِي الْآيَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَخْلُو قَوْله تَعَالَى فَاكْتُبُوهُ- إلَى قَوْله تَعَالَى- وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ وقوله تعالى وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُوجِبًا لِلْكِتَابَةِ وَالْإِشْهَادِ عَلَى الدُّيُونِ الْآجِلَةِ فِي حَالِ نُزُولِهَا وَكَانَ هَذَا حُكْمًا مُسْتَقِرًّا ثَابِتًا إلَى أَنْ وَرَدَ نَسْخُ إيجَابِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>