وَبَيْنَهُ حِجَابٌ
قَوْله تَعَالَى وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ قِيلَ فِيهِ إنَّهُ مَنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ لَيْلًا فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ لِئَلَّا يُؤْذُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ جَعَلْنَاهَا بِالْحُكْمِ أَنَّهُمْ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ ذَمًّا لَهُمْ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ تَفَهُّمِ الْحَقِّ وَالِاسْتِمَاعِ إلَيْهِ مَعَ إعْرَاضِهِمْ وَنُفُورِهِمْ عَنْهُ
قَوْله تَعَالَى وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا قَالَ الْحَسَنُ إنَّ لَبِثْتُمْ إلَّا قَلِيلًا فِي الدُّنْيَا لِطُولِ لُبْثِكُمْ فِي الْآخِرَةِ كَمَا قِيلَ كَأَنَّك بِالدُّنْيَا لَمْ تَكُنْ وَكَأَنَّك بِالْآخِرَةِ لَمْ تزل وقال قتادة أراد به احتقار الدُّنْيَا حِينَ عَايَنُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
قَوْله تَعَالَى وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ روى عن ابن عباس رواية سعيد بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَإِبْرَاهِيمُ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ قَالُوا رُؤْيَا غَيْرِ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَمَّا أَخْبَرَ الْمُشْرِكِينَ بِمَا رَأَى كَذَّبُوا بِهِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ أَرَادَ بِرُؤْيَاهُ أَنَّهُ سَيَدْخُلُ مَكَّةَ قَوْله تَعَالَى وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَالسُّدِّيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ أَنَّهُ أَرَادَ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي قَوْلِهِ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ فَأَرَادَ بِقَوْلِهِ مَلْعُونَةَ أَنَّهُ مَلْعُونٌ أَكْلُهَا وَكَانَتْ فِتْنَتُهُمْ بِهَا قَوْلَ أَبِي جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَدُونَهُ النَّارُ تَأْكُلُ الشَّجَرَ فَكَيْفَ تَنْبُتُ فِيهَا
قَوْله تَعَالَى وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ هذا تهديد وَاسْتِهَانَةٌ بِفِعْلِ الْمَقُولِ لَهُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يَفُوتُهُ الْجَزَاءُ عَلَيْهِ وَالِانْتِقَامُ مِنْهُ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِ الْقَائِلِ اجْهَدْ جُهْدَكَ فَسَتَرَى مَا يَنْزِل بِك وَمَعْنَى اسْتَفْزِزْ اسْتَزِلَّ يُقَالُ اسْتَفَزَّهُ وَاسْتَزَلَّهُ بمعنى واحد وقوله بِصَوْتِكَ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ الْغِنَاءُ وَاللَّهْوُ وَهُمَا مَحْظُورَانِ وَأَنَّهُمَا مِنْ صَوْتِ الشَّيْطَانِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ الصَّوْتُ الَّذِي يَدْعُو بِهِ إلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَكُلُّ صَوْتٍ دُعِيَ بِهِ إلَى الْفَسَادِ فَهُوَ مِنْ صَوْتِ الشَّيْطَانِ قَوْله تَعَالَى وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ الْإِجْلَابَ هُوَ السَّوْقُ بِجَلَبَةٍ مِنْ السَّائِقِ وَالْجَلَبَةُ الصَّوْتُ الشَّدِيدُ وقَوْله تَعَالَى بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ كُلُّ رَاجِلٍ أَوْ مَاشٍ إلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ مِنْ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ فَهُوَ مِنْ رَجْلِ الشَّيْطَانِ وَخَيْلِهِ وَالرَّجْلُ جَمْعُ رَاجِلٍ كَالتَّجْرِ جَمْعُ تَاجِرٍ وَالرَّكْبُ جَمْعُ رَاكِبٍ قَوْله تَعَالَى وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ قِيلَ مَعْنَاهُ كُنْ شَرِيكًا فِي ذَلِكَ فَإِنَّ مِنْهُ مَا يَطْلُبُونَهُ بِشَهْوَتِهِمْ وَمِنْهُ مَا يَطْلُبُونَهُ لِإِغْرَائِك بِهِمْ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَوْلَادِ يَعْنِي الزِّنَا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْمَوْءُودَةُ وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ مِنْ هُوِّدُوا وَنُصِّرُوا وَقَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةُ تَسْمِيَتُهُمْ عَبْدَ الْحَارِثِ وَعَبْدَ شَمْسٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَمَّا احْتَمَلَ هَذِهِ الْوُجُوهَ كَانَ مَحْمُولًا عَلَيْهَا وَكَانَ جَمِيعُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute