للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ وَجَازَتْ بِغَيْرِ إشْهَادٍ إذْ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى رِضَا غَيْرِهِ وَكَانَتْ الرَّجْعَةُ أَيْضًا حَقًّا لَهُ وَجَبَ أَنْ تَجُوزَ بِغَيْرِ إشْهَادٍ وَأَيْضًا لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِالْإِشْهَادِ عَلَى الْإِمْسَاكِ أَوْ الْفُرْقَةِ احْتِيَاطًا لَهُمَا وَنَفْيًا لِلتُّهْمَةِ عَنْهُمَا إذَا عُلِمَ الطَّلَاقُ وَلَمْ يُعْلَمْ الرَّجْعَةُ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ الطَّلَاقُ وَالْفِرَاقُ فَلَا يُؤْمَنُ التجاحد بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ مَعْنَى الِاحْتِيَاطِ فِيهِمَا مَقْصُورًا عَلَى الْإِشْهَادِ فِي حَالِ الرَّجْعَةِ أَوْ الْفُرْقَةِ بَلْ يَكُونُ الِاحْتِيَاطُ بَاقِيًا وَإِنْ أَشْهَدَ بَعْدَهُمَا وَجَبَ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ حُكْمُهُمَا إذَا أَشْهَدَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ بِسَاعَةٍ أَوْ سَاعَتَيْنِ وَلَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي صِحَّةِ وُقُوعِ الرَّجْعَةِ بِغَيْرِ شُهُودٍ إلَّا شَيْئًا يُرْوَى عَنْ عَطَاءٍ فَإِنَّ سُفْيَانَ رَوَى عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ بِالْبَيِّنَةِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِشْهَادِ عَلَى ذَلِكَ احْتِيَاطًا مِنْ التجاحد لَا عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَصِحُّ بِغَيْرِ شُهُودٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ ذَكَرَ الطَّلَاقَ مَعَهَا وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عَطَاءٍ وَالْحَكَمِ قَالَا إذَا غَشِيَهَا فِي الْعِدَّةِ فَغَشَيَانُهُ رَجْعَةٌ وقوله تعالى وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ فِيهِ أَمْرٌ بِإِقَامَةِ الشَّهَادَاتِ عِنْدَ الْحُكَّامِ عَلَى الحقوق كلها لأن الشهادة هنا اسم للجنس وَإِنْ كَانَ مَذْكُورًا بَعْدَ الْأَمْرِ بِإِشْهَادِ ذَوَيْ عَدْلٍ عَلَى الرَّجْعَةِ لِأَنَّ ذِكْرَهَا بَعْدَهُ لَا يَمْنَعُ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ عَلَى عُمُومِهِ فَانْتَظَمَ ذَلِكَ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا الْأَمْرُ بِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ وَالْآخَرُ أَنَّ إقَامَةَ الشَّهَادَةِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَفَادَ بِذَلِكَ تَأْكِيدَهُ وَالْقِيَامَ بِهِ.

بَابُ عِدَّةِ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ اقْتَضَتْ الْآيَةُ إثْبَاتَ الْإِيَاسِ لِمَنْ ذُكِرَتْ فِي الْآيَةِ مِنْ النِّسَاءِ بلا ارتياب وقوله تعالى إِنِ ارْتَبْتُمْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الِارْتِيَابَ فِي الْإِيَاسِ لِأَنَّهُ قَدْ أَثْبَتَ حُكْمَ مَنْ ثَبَتَ إيَاسُهَا فِي أَوَّلِ الْآيَةِ فَوَجَبَ أَنْ يكون الِارْتِيَابَ فِي غَيْرِ الْإِيَاسِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرِّيبَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ

فَرَوَى مُطَرِّفٌ عن عمرو ابن سَالِمٍ قَالَ قَالَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ عَدَدًا مِنْ عَدَدِ النِّسَاءِ لَمْ تُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ

فَأَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ كَانَ ارْتِيَابَهُمْ فِي عَدَدِ مَنْ ذُكِرَ من

<<  <  ج: ص:  >  >>