الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ وَأُولَاتِ الْأَحْمَالِ وَأَنَّ ذِكْرَ الِارْتِيَابِ فِي الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهِ ذِكْرِ السَّبَبِ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فَكَانَ بِمَعْنَى وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي الَّتِي يَرْتَفِعُ حَيْضُهَا فَرَوَى ابْنُ الْمُسَيِّبِ عن عمر رضى الله عنه قَالَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ طَلُقَتْ فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ رُفِعَتْ حَيْضَتُهَا فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ بِهَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ اسْتَبَانَ بِهَا حَمْلٌ فَذَاكَ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بَعْدَ التِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ حَلَّتْ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الَّتِي ارْتَفَعَ حَيْضُهَا سَنَةً قَالَ تِلْكَ الرِّيبَةُ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي الَّتِي تَحِيضُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً قَالَ هَذِهِ رِيبَةٌ عِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ عمر وَعَنْ طاوس مِثْلَهُ
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وزيد ابن ثَابِتٍ أَنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ
وَرَوَى مَالِكٌ عن يحيى بن سعد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ أَنَّهُ قَالَ وَكَانَ عِنْدَ جَدِّهِ حِبَّانَ امْرَأَتَانِ هَاشِمِيَّةٌ وَأَنْصَارِيَّةٌ فَطَلَّقَ الْأَنْصَارِيَّةَ وَهِيَ تُرْضِعُ فَمَرَّتْ بِهِ سَنَةٌ ثُمَّ هَلَكَ وَلَمْ تَحِضْ فَقَالَتْ أَنَا أَرِثُهُ وَلَمْ أَحِضْ فَاخْتَصَمَا إلَى عُثْمَانَ فَقَضَى لَهَا بِالْمِيرَاثِ فَلَامَتْ الْهَاشِمِيَّةُ عُثْمَانَ فَقَالَ هَذَا عَمَلُ ابْنِ عَمِّك هُوَ أَشَارَ عَلَيْنَا بِذَلِكَ يعنى على ابن أَبِي طَالِبٍ
وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ وَبَقِيَتْ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ لَا تَحِيضُ وَذَكَرَ الْقِصَّةَ فَشَاوَرَ عُثْمَانُ عَلِيًّا وَزَيْدًا فَقَالَا تَرِثُهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقَوَاعِدِ اللَّائِي قَدْ يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ وَلَا مِنْ الْأَبْكَارِ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى حَيْضَتِهَا مَا كَانَتْ مِنْ قليل أو كثير
وهذا يدل من قولهما أن قوله تعالى إِنِ ارْتَبْتُمْ لَيْسَ عَلَى ارْتِيَابِ الْمَرْأَةِ وَلَكِنَّهُ عَلَى ارْتِيَابِ الشَّاكِّينَ فِي حُكْمِ عَدَدِهِنَّ وَأَنَّهَا لَا تَكُونُ آيِسَةً حَتَّى تَكُونَ مِنْ الْقَوَاعِدِ اللَّاتِي لَا يُرْجَى حَيْضُهُنَّ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَقَالَ أَصْحَابُنَا فِي الَّتِي يَرْتَفِعُ حَيْضُهَا لَا يأس مِنْهُ فِي الْمُسْتَأْنَفِ إنَّ عِدَّتَهَا الْحَيْضُ حَتَّى تَدْخُلَ فِي السِّنِّ الَّتِي لَا تَحِيضُ أَهْلُهَا مِنْ النِّسَاءِ فَتَسْتَأْنِفَ عِدَّةَ الْآيِسَةِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وهو قول الثوري والليث والشافعى قال مَالِكٌ تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ لَمْ تَحِضْ فِيهِنَّ اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ الثَّلَاثَةَ أَشْهُرٍ اسْتَقْبَلَتْ الْحَيْضَ فَإِنْ مَضَتْ بِهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ إذَا حَاضَتْ الْمُطَلَّقَةُ ثُمَّ ارْتَابَتْ فَإِنَّمَا تَعْتَدُّ بِالتِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ مِنْ يَوْمِ رُفِعَتْ حَيْضَتُهَا لَا مِنْ يَوْمِ طَلُقَتْ قَالَ مَالِكٌ فِي قوله تعالى إِنِ ارْتَبْتُمْ مَعْنَاهُ إنْ لَمْ تَدْرُوا مَا تَصْنَعُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute