للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ أَنْتَ إذَا أَصَابَ النَّاسَ مَوْتٌ يَكُونُ الْبَيْتُ فِيهِ بِالْوَصِيفِ يَعْنِي الْقَبْرَ قُلْت اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ عَلَيْك بِالصَّبْرِ

فَسَمَّى الْقَبْرَ بَيْتًا وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ يُقْطَعُ النَّبَّاشُ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْمَيِّتِ بَيْتَهُ

وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ أبى الرحال عن أمه عَمْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ الْمُخْتَفِيَ وَالْمُخْتَفِيَةَ

وَرَوَتْ عَائِشَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ اخْتَفَى مَيْتًا فَكَأَنَّمَا قَتَلَهُ

وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْمُخْتَفِي النَّبَّاشُ قِيلَ لَهُ إنَّمَا سَمَّاهُ بَيْتًا عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ لِأَنَّ الْبَيْتَ مَوْضُوعٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لِمَا كَانَ مَبْنِيًّا ظَاهِرًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْقَبْرُ بَيْتًا تَشْبِيهًا بِالْبَيْتِ الْمَبْنِيِّ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ قَطْعَ السَّارِقِ لَيْسَ مُعَلَّقًا بِكَوْنِهِ سَارِقًا مِنْ بَيْتٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْبَيْتُ مَبْنِيًّا لِيُحْرَزَ بِهِ مَا يُجْعَلُ فِيهِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْقَبْرَ لَيْسَ بِحِرْزٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَسْجِدَ يُسَمَّى بَيْتًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَلَوْ سَرَقَ مِنْ الْمَسْجِدِ لَمْ يُقْطَعْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَافِظٌ وَأَيْضًا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْقَبْرِ دَرَاهِمُ مَدْفُونَةٌ فَسَرَقَهَا لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ كَانَ بَيْتًا فَعَلِمْنَا أَنَّ قَطْعَ السَّرِقَةِ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِكَوْنِهِ بَيْتًا وَأَمَّا مَا

رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اللَّهُ الْمُخْتَفِيَ

وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ اخْتَفَى مَيْتًا فَكَأَنَّمَا قَتَلَهُ

فَإِنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ لَعْنٌ لَهُ وَاسْتِحْقَاقُ اللَّعْنِ لَيْسَ بِدَلِيلٍ عَلَى وُجُوبِ الْقَطْعِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ وَالْكَاذِبَ وَالظَّالِمَ كُلَّ هَؤُلَاءِ يَسْتَحِقُّونَ اللَّعْنَ وَلَا يَجِبُ قَطْعُهُمْ وَقَوْلُهُ مَنْ اخْتَفَى مَيْتًا فَكَأَنَّمَا قَتَلَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يُوجِبْ بِهِ قَطْعًا وَإِنَّمَا جَعَلَهُ كَالْقَاتِلِ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ مَحْمُولًا عَلَى حَقِيقَةِ لَفْظِهِ فَوَاجِبٌ أَنْ نَقْتُلَهُ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَلَا تَعَلُّقَ لِذَلِكَ بِالْقَطْعِ.

بَابُ مِنْ أَيْنَ يُقْطَعُ السَّارِقُ

قَالَ اللَّهُ تعالى وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما وَاسْمُ الْيَدِ يَقَعُ عَلَى هَذَا الْعُضْوِ إلَى الْمَنْكِبِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ عَمَّارًا تَيَمَّمَ إلَى الْمَنْكِبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ وَلَمْ يُخْطِئْ مِنْ طَرِيقِ اللُّغَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ لِوُرُودِ السُّنَّةِ بِخِلَافِهِ وَيَقَعُ عَلَى الْيَدِ إلَى مَفْصِلِ الْكَفِّ أَيْضًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَقَدْ عُقِلَ بِهِ مَا دُونَ الْمِرْفَقِ وَقَالَ تعالى لموسى أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ إلَى الْمِرْفَقِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ فَلَوْ لَمْ يَقَعْ الِاسْمُ عَلَى مَا دُونَ المرافق لَمَا ذَكَرَهَا إلَى الْمَرَافِقِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى وُقُوعِ الِاسْمِ إلَى الْكُوعِ فَلَمَّا كَانَ الِاسْمُ يَتَنَاوَلُ هَذَا الْعُضْوَ إلَى الْمَفْصِلِ وَإِلَى المرفق وإلى المنكب

<<  <  ج: ص:  >  >>