للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْضًا وَهَذَا يُوجِبُ جَوَازَ إحْضَارِ الشُّهُودِ وَالنَّظَرُ إلى الزانيين لإقامة الحد عليها لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالِاسْتِشْهَادِ عَلَى الزِّنَا وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَعَمُّدِ النَّظَرِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ تَعَمُّدَ النَّظَرِ إلَى الزَّانِيَيْنِ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِمَا لَا يُسْقِطُ شَهَادَتَهُ وَكَذَلِكَ فِعْلُ أَبُو بَكْرٍ مَعَ شِبْلِ بْنِ مَعْبَدٍ وَنَافِعِ بْنِ الْحَارِثِ وَزِيَادِ فِي قِصَّةِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَذَلِكَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْآيَةِ

وقَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ الْآيَةَ رَوَى الشَّيْبَانِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ كَانُوا إذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ مِنْ وَلِيِّ نَفْسِهَا إنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ كَانَ الرَّجُلُ إذَا مَاتَ وَتَرَكَ امْرَأَتَهُ قَالَ وَلِيُّهُ وَرِثْت امْرَأَتَهُ كَمَا وَرِثْت مَالَهُ فَإِنْ شَاءَ تَزَوَّجَهَا بِالصَّدَاقِ الْأَوَّلِ وَإِنْ شَاءَ زَوَّجَهَا وَأَخَذَ صَدَاقَهَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ ابْنَهَا قَالَ أَبُو مِجْلَزٍ فَكَانَ بِالْمِيرَاثِ أَوْلَى مِنْ وَلِيِّ نَفْسِهَا

وَرَوَى جُوَيْبِرٌ عَنْ الضَّحَّاكِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانُوا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ يَقُومُ أَقْرَبُ النَّاسِ مِنْهُ فَيُلْقِي عَلَى امْرَأَتِهِ ثَوْبًا فَيَرِثُ نِكَاحَهَا فَمَاتَ أَبُو عَامِرٍ زَوْجُ كَبْشَةَ بِنْتِ معن فجاء ابن عامر من غيرهما وَأَلْقَى عَلَيْهَا ثَوْبًا فَلَمْ يَقْرَبْهَا وَلَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا فَشَكَتْ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَ

أَنْ تُؤْتُوهُنَّ الصَّدَاقَ الْأَوَّلَ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ كَانَ يَحْبِسُهَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهَا حَتَّى تَمُوتَ فيرثها فنهوا عن ذلك وقَوْله تَعَالَى وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ هُوَ أمر للأزواج تخلية سَبِيلِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا حَاجَةٌ ولا يمسكها إضرار بِهَا حَتَّى تَفْتَدِيَ بِبَعْضِ مَالِهَا وَقَالَ الْحَسَنُ هُوَ نَهْيٌ لِوَلِيِّ الزَّوْجِ الْمَيِّتِ أَنْ يَمْنَعَهَا من التزويج عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْجَاهِلِيَّةِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ هُوَ نَهْيٌ لِوَلِيِّهَا أَنْ يَعْضُلَهَا قَالَ أبو بكر الأظهر هو التأويل تَأْوِيلُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ يُرِيدُ بِهِ الْمَهْرَ حَتَّى تَفْتَدِيَ كَأَنَّهُ يَعْضُلَهَا أَوْ يُسِيءُ إلَيْهَا لِتَفْتَدِيَ مِنْهُ بِبَعْضِ مَهْرِهَا وقَوْله تَعَالَى إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ قَالَ الْحَسَنُ وَأَبُو قِلَابَةَ وَالسُّدِّيُّ هُوَ الزِّنَا وَإِنَّهُ إنَّمَا تَحِلُّ لَهُ الْفِدْيَةُ إذَا اطَّلَعَ مِنْهَا عَلَى رِيبَةٍ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ هِيَ النُّشُوزُ فَإِذَا نَشَزَتْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا الْفِدْيَةَ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَمْرَ الْخُلْعِ وَأَحْكَامِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>