للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا

قُلْت بَلَى قَالَتْ فَإِنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ الْقِيَامَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ وَأَمْسَكَ اللَّهُ تَعَالَى خَاتِمَتَهَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ أَنْزَلَ التَّخْفِيفَ فِي آخِرِ السُّورَةِ فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا نَزَلَتْ أَوَّلُ الْمُزَّمِّلِ كَانُوا يَقُومُونَ نَحْوَ قِيَامِهِمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى نَزَلَ آخِرُهَا وَكَانَ بَيْنَ نُزُولِ أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا نَحْوَ سنة

وقوله تعالى وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَيِّنْهُ تَبْيِينًا وَقَالَ طَاوُسٌ بَيِّنْهُ حَتَّى تَفْهَمَهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا قَالَ وَالِ بَعْضَهُ عَلَى إثْرِ بَعْضٍ عَلَى تُؤَدَةٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي نَسْخِ فَرْضِ قِيَامِ اللَّيْلِ وَأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ مُرَغَّبٌ فِيهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آثَارٌ كَثِيرَةٌ فِي الْحَثِّ عَلَيْهِ وَالتَّرْغِيبِ فِيهِ

رَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُد كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُد كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا

وَرُوِيَ عَنْ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ حَتَّى إذَا انْفَجَرَ عَمُودُ الصُّبْحِ أَوْتَرَ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ ثُمَّ سَبَّحَ وَكَبَّرَ حَتَّى إذَا انْفَجَرَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ

وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً

وقَوْله تَعَالَى إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ إذَا نَشَأْت قَائِمًا فَهِيَ نَاشِئَةُ اللَّيْلِ كُلِّهِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ اللَّيْلُ كُلُّهُ إذَا قَامَ يُصَلِّي فَهُوَ نَاشِئَةٌ وَمَا كَانَ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَهُوَ نَاشِئَةٌ وَعَنْ الْحَسَنِ مِثْلُهُ وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا قَالَ أَجَهْدُ لِلْبَدَنِ وَأَثْبَتُ فِي الْخَيْرِ وَقَالَ مجاهد وأقوم قيلا قال أثبت قراءة

وقوله تَعَالَى وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا قَالَ مُجَاهِدٌ أَخْلِصْ إلَيْهِ إخْلَاصًا وَقَالَ قَتَادَةُ أَخْلِصْ إلَيْهِ الدُّعَاءَ وَالْعِبَادَةَ وَقِيلَ الِانْقِطَاعُ إلَى اللَّهِ وَتَأْمِيلُ الْخَيْرِ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَحْتَجُّ بِهِ فِي تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ لِأَنَّهُ ذُكِرَ فِي بَيَانِ الصَّلَاةِ فَيَدُلُّ عَلَى جواز الافتتاح بسائر أسماء الله تعالى وقوله تعالى سَبْحاً طَوِيلًا قَالَ قَتَادَةُ فَرَاغًا طَوِيلًا وَقَوْلُهُ تَعَالَى هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً قَالَ مُجَاهِدٌ وَاطَأَ اللِّسَانُ الْقَلْبَ مُوَاطَأَةً وَوِطَاءً ومن قرأ وطاء قَالَ مَعْنَاهُ هِيَ أَشَدُّ مِنْ عَمَلِ النَّهَارِ

وقَوْله تَعَالَى إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ- إلى قوله تعالى- فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ انْتَظَمَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَعَانِيَ أَحَدُهَا أَنَّهُ نَسَخَ بِهِ قِيَامَ اللَّيْلِ الْمَفْرُوضَ كَانَ بَدِيًّا وَالثَّانِي دَلَالَتُهَا عَلَى لُزُومِ فرض القراءة في الصلاة بقوله تعالى فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ وَالثَّالِثُ دَلَالَتُهَا عَلَى جَوَازِ

<<  <  ج: ص:  >  >>