للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِكَاحَهَا حَرَامٌ مَا دَامَتْ ذَاتَ زَوْجٍ وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْله تَعَالَى إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَتَأَوَّلَهُ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ وَعُمَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَابْنُ عُمَرَ أَنَّ الْآيَةَ إنَّمَا وَرَدَتْ فِي ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ مِنْ السَّبَايَا أُبِيحَ وَطْؤُهُنَّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَوَجَبَ بِحُدُوثِ السَّبْيِ عَلَيْهَا دُونَ زَوْجِهَا وُقُوعُ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا وَكَانُوا يَقُولُونَ إنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا وَلَا يَبْطُلُ نِكَاحُهَا وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ فِي جَمِيعِ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ مِنْ السَّبَايَا وَغَيْرِهِمْ وَكَانُوا يَقُولُونَ بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا

وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا إلَى أَوْطَاسٍ فَلَقُوا عَدُوًّا فَقَاتَلُوهُمْ وَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ فَأَصَابُوا مِنْهُمْ سَبَايَا لَهُنَّ أَزْوَاجٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَحَرَّجُونَ من غشيانهم فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ

أَيْ هُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ أَبَا عَلْقَمَةَ هَذَا رَجُلٌ جَلِيلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ يعلى ابن عَطَاءٍ وَرَوَى هُوَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَلَهُ أَحَادِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ السَّنَدِ قَدْ أَخْبَرَ فِيهِ بِسَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ وَأَنَّهَا فِي السَّبَايَا وَتَأَوَّلَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى جَمِيعِ النِّسَاءِ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ إذَا مُلِكْنَ حَلَّ وَطْؤُهُنَّ لِمَالِكِهِنَّ وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِنَّ فَإِنْ قِيلَ أَنْتُمْ لَا تَعْتَبِرُونَ السَّبَبَ وَإِنَّمَا تُرَاعُونَ حُكْمَ اللَّفْظِ إنْ كَانَ عَامًّا فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى تَقُومَ دَلَالَةُ الْخُصُوصِ فَهَلَّا اعْتَبَرْت ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَجَعَلْتهَا عَلَى الْعُمُومِ فِي سَائِرِ مَنْ يَطْرَأُ عَلَيْهِ الْمِلْكُ مِنْ النِّسَاءِ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ فَيَنْتَظِمُ السَّبَايَا وَغَيْرُهُنَّ قِيلَ لَهُ الدَّلَالَةُ ظاهرة في الآية على خصوصها في السبايا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَلَوْ كَانَ حُدُوثُ الْمِلْكِ مُوجِبًا لِإِيقَاعِ الْفُرْقَةِ لَوَجَبَ أَنْ تَقَعَ الْفُرْقَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا إذَا اشْتَرَتْهَا امْرَأَةٌ أَوْ أَخُوهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ لِحُدُوثِ الْمِلْكِ فَإِنْ قِيلَ جَائِزٌ أَنْ يُقَالَ ذلك في سائر من طَرَأَ عَلَيْهِنَّ الْمِلْكُ سَوَاءٌ كَانَ حُدُوثُ الْمِلْكِ سَبَبًا لِإِبَاحَةِ الْوَطْءِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ تَمْلِكَهَا امْرَأَةٌ أَوْ رَجُلٌ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا قِيلَ لَهُ فَشَأْنُ الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ حَدَثَ لَهُ مِلْكُ الْيَمِينِ فَأَبَاحَتْ لَهُ وَطْأَهَا لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ بِمِلْكِ الْيَمِينِ مِنْ حَظْرِ وَطْءِ الْمُحْصَنَاتِ مِنْ النِّسَاءِ فَوَاجِبٌ عَلَى ذَلِكَ أنه إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>