للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَسْتَبِحْ الْمَالِكُ وَطْأَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجِيَّةُ قَائِمَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا بِحُكْمِ الْآيَةِ وَإِذَا وَجَبَ ذَلِكَ بِحُكْمِ الْآيَةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَوْله تَعَالَى وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ خَاصًّا فِي السَّبَايَا وَيَكُونُ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلْفُرْقَةِ اختلاف الدين لَا حُدُوثَ الْمِلْكِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُدُوثَ الْمِلْكِ لَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ مَا

رَوَى حَمَّادُ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ فَأَعْتَقْتهَا وَشَرَطَتْ لِأَهْلِهَا الْوَلَاءَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَقَالَ لَهَا يَا بَرِيرَةُ اخْتَارِي فَالْأَمْرُ إلَيْك

وَرَوَاهُ سِمَاكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عن عَائِشَةَ مِثْلَهُ

وَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ يُسَمَّى مُغِيثًا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أعطى الثمن وخيرها

فَإِنْ قِيلَ

فَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ فِي أَمْرِ بَرِيرَةَ مَا رَوَى ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا

فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ قَوْلُهُ هَذَا عَلَى مَا رَوَاهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَالِفَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ قِيلَ لَهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي السَّبَايَا وَأَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ لَا يُوقِعُ فُرْقَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الَّذِي ذَكَرْت عَنْهُ مِنْ أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا كَانَ يَقُولُ قَبْلَ أَنْ تَثْبُتَ عِنْدَهُ قِصَّةُ بَرِيرَةَ وَتَخْيِيرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهَا بَعْدَ الشِّرَى فَلَمَّا سَمِعَ بِقِصَّةِ بَرِيرَةَ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ وَأَيْضًا يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ

بِقَوْلِهِ بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا

إذَا اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ وَلَا يَبْقَى النِّكَاحُ مَعَ الْمِلْكِ وَالنَّظَرُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجِ وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِإِيقَاعِهِ أَوْ بِسَبَبٍ مِنْ قِبَلِهِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ الزَّوْجِ فِي ذَلِكَ سَبَبٌ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ طَلَاقًا وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ لَا يُنَافِي النِّكَاحَ لِأَنَّ الْمِلْكَ مَوْجُودٌ قَبْلَ الْبَيْعِ غَيْرُ نَافٍ لِلنِّكَاحِ فَكَذَلِكَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي لَا يُنَافِيهِ فَإِنْ قِيلَ لَمَّا طَرَأَ ملك المشترى ولم يكن منه رضى بِالنِّكَاحِ وَجَبَ أَنْ يَنْفَسِخَ قِيلَ لَهُ هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْمِلْكَ لَا يُنَافِي النِّكَاحَ وَالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْت إنْ كَانَ مُعْتَبَرًا فَإِنَّمَا يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي خِيَارًا فِي فَسْخِ النِّكَاحِ وَلَيْسَ هَذَا قَوْلَ أَحَدٍ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ وَمَنْ تَابَعَهُ يُوجِبُونَ فَسْخَ النِّكَاحِ بِحُدُوثِ الْمِلْكِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الزَّوْجَيْنِ إذَا سُبِيَا مَعًا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ إذَا سُبِيَ الْحَرْبِيَّانِ مَعًا وَهُمَا زَوْجَانِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ وَإِنْ سُبِيَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ وَأُخْرِجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَقَدْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَقَالَ الأوزاعى إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>