للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُبِيَا جَمِيعًا فَمَا كَانَا فِي الْمُقَاسِمِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ فَإِذَا اشْتَرَاهُمَا رَجُلٌ فَإِنْ شَاءَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَاِتَّخَذَهَا لنفسه أو زوجها غيره بعد ما يَسْتَبْرِئُهَا بِحَيْضَةٍ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ إذَا سُبِيَتْ ذَاتُ زَوْجٍ اُسْتُبْرِئَتْ بِحَيْضَتَيْنِ لِأَنَّ زَوْجَهَا أَحَقُّ بِهَا إذَا جَاءَ فِي عِدَّتِهَا وَغَيْرُ ذَاتِ الْأَزْوَاجِ بِحَيْضَةٍ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إذَا سُبِيَتْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ حُدُوثَ الْمِلْكِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْفُرْقَةِ بِدَلَالَةِ الأمة المبيعة والمورثة فَوَجَبَ أَنْ لَا تَقَعَ الْفُرْقَةُ بِالسَّبْيِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ حُدُوثِ الْمِلْكِ وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ حُدُوثَ الرِّقِّ عَلَيْهَا لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْعَقْدِ فَلَأَنْ لَا يَمْنَعَ بَقَاءَهُ أَوْلَى لِأَنَّ الْبَقَاءَ هُوَ آكَدُ فِي ثُبُوتِ النِّكَاحِ مَعَهُ مِنْ الِابْتِدَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ يَمْنَعُ الِابْتِدَاءَ مَا لَا يَمْنَعُ الْبَقَاءَ وَهُوَ حُدُوثُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا مِنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْعَقْدِ وَلَا يَمْنَعُ بَقَاءَ الْعَقْدِ الْمُتَقَدِّمِ فَإِنْ احْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الخدري في قصة سبابا أَوْطَاسٍ وَسَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ عَلَيْهَا وَهُوَ قَوْلُهُ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ مَنْ سُبِيَتْ مَعَ زَوْجِهَا أَوْ وَحْدَهَا قِيلَ لَهُ رَوَى حَمَّادٌ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ عَنْ سَالِمٍ الْمَكِّيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أَوْطَاسٍ لَحِقَتْ الرِّجَالُ بِالْجِبَالِ وَأُخِذَتْ النِّسَاءُ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ كَيْفَ نَصْنَعُ وَلَهُنَّ أَزْوَاجٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَأَخْبَرَ أَنَّ الرِّجَالَ لَحِقُوا بِالْجِبَالِ وَأَنَّ السَّبَايَا كُنَّ مُنْفَرِدَاتٍ عَنْ الْأَزْوَاجِ وَالْآيَةُ فِيهِنَّ نَزَلَتْ وَأَيْضًا لَمْ يَأْسِرْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةِ حُنَيْنٍ مِنْ الرِّجَالِ أَحَدًا فِيمَا نَقَلَ أَهْلُ الْمَغَازِي وَإِنَّمَا كَانُوا مِنْ بَيْنِ قَتِيلٍ أَوْ مَهْزُومٍ وَسَبَى النِّسَاءَ ثُمَّ جاءه الرجال بعد ما وَضَعَتْ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا فَسَأَلُوهُ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ بِإِطْلَاقِ سَبَايَاهُمْ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ وَقَالَ لِلنَّاسِ مَنْ رَدَّ عَلَيْهِمْ فَذَاكَ وَمَنْ تَمَسَّك بِشَيْءٍ مِنْهُنَّ فَلَهُ خَمْسُ فَرَائِضَ فِي كُلِّ رَأْسٍ وَأَطْلَقَ النَّاسُ سَبَايَاهُمْ

فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَ السَّبَايَا أَزْوَاجُهُنَّ فَإِنْ احْتَجُّوا بِعُمُومِ قَوْلِهِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ لَمْ يُخَصِّصْ مَنْ مَعَهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ وَالْمُنْفَرِدَاتِ مِنْهُنَّ قِيلَ لَهُ قَدْ اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ عُمُومُ الْحُكْمِ فِي إيجَابِ الْفُرْقَةِ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ تَقَعَ الفرقة بشرى الأمة وهبتها وبالميراث وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوهِ الْأَمْلَاكِ الْحَادِثَةِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّ الْفُرْقَةَ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِحُدُوثِ الْمِلْكِ وَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى مُرَادِ الْآيَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَخْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>