للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جابر في قوله أَوْفُوا بِالْعُقُودِ قَالَ هِيَ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَالْحِلْفِ وَالْعَهْدِ وزاد زيد ابن أَسْلَمَ مِنْ قَبْلِهِ وَعَقْدُ الشَّرِكَةِ وَعَقْدُ الْيَمِينِ وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ الْعُقُودُ سِتَّةٌ عَقْدُ الْإِيمَانِ وَعَقْدُ النِّكَاحِ وَعُقْدَةُ الْعَهْدِ وعقدة الشرى والبيع وعقدة الحلف قال أَبُو بَكْرٍ الْعَقْدُ مَا يَعْقِدُهُ الْعَاقِدُ عَلَى أَمْرٍ يَفْعَلُهُ هُوَ أَوْ يَعْقِدُ عَلَى غَيْرِهِ فِعْلَهُ عَلَى وَجْهِ إلْزَامِهِ إيَّاهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ إذَا كَانَ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ الشَّدُّ ثُمَّ نُقِلَ إلَى الْأَيْمَانِ وَالْعُقُودُ عُقُودُ الْمُبَايَعَاتِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ إلْزَامُ الْوَفَاءِ بِمَا ذَكَرَهُ وإيجابه عَلَيْهِ وَهَذَا إنَّمَا يَتَنَاوَلُ مِنْهُ مَا كَانَ مُنْتَظَرًا مُرَاعًى فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ الْأَوْقَاتِ فَيُسَمَّى الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ وَالْإِجَارَةُ وَسَائِرُ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ عُقُودًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ التَّمَامَ عَلَيْهِ وَالْوَفَاءَ بِهِ وَسُمِّيَ الْيَمِينُ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ عَقْدًا لِأَنَّ الْحَالِفَ قَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْوَفَاءَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ وَالشَّرِكَةُ وَالْمُضَارَبَةُ وَنَحْوُهَا تُسَمَّى أَيْضًا عُقُودًا لِمَا وَصَفْنَا مِنْ اقْتِضَائِهِ الْوَفَاءَ بِمَا شَرَطَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرِّبْحِ وَالْعَمَلِ لِصَاحِبِهِ وَأَلْزَمَهُ نَفْسَهُ وَكَذَلِكَ الْعَهْدُ وَالْأَمَانُ لِأَنَّ مُعْطِيَهَا قَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْوَفَاءَ بِهَا وَكَذَلِكَ كُلُّ شَرْطٍ شَرَطَهُ إنْسَانٌ عَلَى نَفْسِهِ فِي شَيْءٍ يَفْعَلُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ عَقْدٌ وَكَذَلِكَ النُّذُورُ وَإِيجَابُ الْقُرَبِ وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ وَمَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَعْنًى فِي الْمُسْتَقْبَلِ يُنْتَظَرُ وُقُوعُهُ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى شَيْءٍ مَاضٍ قَدْ وَقَعَ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى عَقْدًا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى طَلَاقُهُ عَقْدًا وَلَوْ قَالَ لَهَا إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ كَانَ ذَلِكَ عَقْدًا لِيَمِينٍ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَقَدْ دَخَلْت الدَّارَ أَمْسِ لَمْ يَكُنْ عَاقِدًا لِشَيْءٍ وَلَوْ قَالَ لَأَدْخُلَنَّهَا غَدًا كَانَ عَاقِدًا وَيَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إيجَابُهُ فِي الْمَاضِي وَيَصِحُّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أَدْخُلَ الدَّارَ أَمْسِ كَانَ لَغْوًا مِنْ الْكَلَامِ مُسْتَحِيلًا وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أَدْخُلَهَا غَدًا كَانَ إيجَابًا مَفْعُولًا فَالْعَقْدُ مَا يَلْزَمُ بِهِ حُكْمٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ إنَّمَا كَانَتْ عَقْدًا لِأَنَّ الْحَالِفَ قَدْ أَكَّدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَفْعَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَذَلِكَ مَعْدُومٌ فِي الْمَاضِي أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأُكَلِّمَنَّ زَيْدًا فَهُوَ مُؤَكِّدٌ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ كَلَامَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْت زَيْدًا كَانَ مُؤَكِّدًا بِهِ نَفْيَ كَلَامِهِ مُلْزِمًا نَفْسَهُ بِهِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ نَفْيٍ أَوْ إثْبَاتٍ فَسُمِّيَ مِنْ أَجْلِ التَّأْكِيدِ الَّذِي فِي اللَّفْظِ عَقْدًا تَشْبِيهًا بِعَقْدِ الْحَبْلِ الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ وَالِاسْتِيثَاقُ بِهِ وَمِنْ أَجْلِهِ كَانَ النَّذْرُ عَقْدًا وَيَمِينًا لِأَنَّ النَّاذِرَ مُلْزِمٌ نفسه ما نذره ومؤكد على نفسه ما نذره ومؤكد عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ أَوْ يَتْرُكَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>