بِالنَّهارِ
يَعْنِي مَا كَسَبْتُمْ وَمِنْهُ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ
وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاصْطِيَادِ بِكُلِّ مَا عُلِّمَ الِاصْطِيَادَ مِنْ سَائِرِ ذِي النَّابِ مِنْ السِّبَاعِ وَذِي الْمِخْلَبِ مِنْ الطَّيْرِ وَقِيلَ فِي الْجَوَارِحِ إنَّهَا مَا تَجْرَحُ بِنَابٍ أَوْ مِخْلَبٍ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الزِّيَادَاتِ إذَا صَدَمَ الْكَلْبُ الصَّيْدَ وَلَمْ يَجْرَحْهُ فَمَاتَ لَمْ يُؤْكَلْ لِأَنَّهُ لم يجرحه بِنَابٍ أَوْ مِخْلَبٍ أَلَا تَرَى إلَى قَوْله تعالى وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ فَإِنَّمَا يَحِلُّ صَيْدُ مَا يَجْرَحُ بِنَابٍ أَوْ مِخْلَبٍ وَإِذَا كَانَ الِاسْمُ يَقَعُ عَلَيْهِمَا فَلَيْسَ يُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَا مُرَادَيْنِ بِاللَّفْظِ فَيُرِيدُ بِالْكَوَاسِبِ مَا يُكْسَبُ بِالِاصْطِيَادِ فَيُفِيدُ الْأَصْنَافَ الَّتِي يَصْطَادُ بِهَا مِنْ الْكِلَابِ وَالْفُهُودِ وَسِبَاعِ الطَّيْرِ وَجَمِيعِ مَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ وَيُفِيدُ مَعَ ذَلِكَ فِي شَرْطِ الذَّكَاةِ وُقُوعَ الْجِرَاحَةِ بِالْمَقْتُولِ مِنْ الصَّيْدِ وَأَنَّ ذَلِكَ شَرْطُ ذَكَاتِهِ وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْجِرَاحَةَ مُرَادَةُ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمِعْرَاضِ أَنَّهُ إنْ خَزَقَ بِحَدِّهِ فَكُلْ وَإِنْ أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ وَمَتَى وَجَدْنَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمًا يُوَاطِئُ مَعْنَى مَا فِي الْقُرْآنِ وَجَبَ حَمْلُ مُرَادِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ وَأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وقَوْله تَعَالَى مُكَلِّبِينَ قَدْ قِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُكَلِّبَ هو صاحب الكلب الذي يعلمه الصيد ويؤد به وَقِيلَ مَعْنَاهُ مُضِرِّينَ عَلَى الصَّيْدِ كَمَا تُضَرَّى الْكِلَابُ وَالتَّكْلِيبُ هُوَ التَّضْرِيَةُ يُقَال كَلْبٌ كَلِبٌ إذَا ضَرَّى بِالنَّاسِ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ مُكَلِّبِينَ تَخْصِيصٌ لِلْكِلَابِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْجَوَارِحِ إذْ كَانَتْ التَّضْرِيَةُ عَامَّةً فِيهِنَّ وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ تَأْدِيبَ الْكَلْبِ وَتَعْلِيمَهُ كَانَ ذَلِكَ عُمُومًا فِي سَائِرِ الْجَوَارِحِ وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيمَا قَتَلْته الجوارح غير الكلاب فروى مروان العمرى عن نافع عن عل بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ الصَّقْرُ وَالْبَازِي مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ لَيْثٍ قَالَ سُئِلَ مُجَاهِدٌ عَنْ الْبَازِي وَالْفَهْدِ وَمَا يُصَادُ بِهِ مِنْ السِّبَاعِ فَقَالَ هَذِهِ كُلُّهَا جَوَارِحُ وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْله تَعَالَى مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ قَالَ الطَّيْرُ وَالْكِلَابُ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ قَالَ الْجَوَارِحُ الْكِلَابُ وَمَا تُعَلَّمُ مِنْ الْبُزَاةِ وَالْفُهُودِ وَرَوَى أَشْعَثُ عَنْ الْحَسَنِ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ قَالَ الصَّقْرُ وَالْبَازِي وَالْفَهْدُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلْبِ
وَرَوَى صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ وَجَدْت فِي كِتَابٍ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ لَا يَصْلُحُ أَكْلُ مَا قَتَلْته الْبُزَاةُ
وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَأَمَّا مَا صَادَ مِنْ الطَّيْرِ الْبُزَاةُ وَغَيْرُهَا فَمَا أَدْرَكْت ذَكَاتَهُ فَذَكَّيْته فَهُوَ لَك وَإِلَّا فَلَا تُطْعَمْهُ وَرَوَى سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَلِيًّا كَرِهَ مَا قَتَلَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute