آحَادٍ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الزِّيَادَةِ بِهَا فِي نَصِّ الْقُرْآنِ وَأَيْضًا فَإِنَّ التَّخْلِيلَ لَيْسَ بِغَسْلٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُوجِبًا بِالْآيَةِ وَلَمَّا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّخْلِيلُ ثَبَتَ أَنَّ غَسْلَهَا غَيْرُ وَاجِبٍ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا تَرَكَهُ إلَى التَّخْلِيلِ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ وَمَسْحِهَا فَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ فِي الْوُضُوءِ فَقَالَ لَا يُخَلِّلُهَا وَيُجْزِيهِ أَنْ يُمِرَّ بِيَدِهِ عَلَى ظَاهِرِهَا قَالَ فَإِنَّمَا مَوَاضِعُ الْوُضُوءِ مِنْهَا الظَّاهِرُ وَلَيْسَ تَخْلِيلُ الشَّعْرِ مِنْ مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَأَنَا أُخَلِّلُ وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي نَوَادِرِهِ يَمْسَحُ مَا ظَهَرَ مِنْ اللِّحْيَةِ وَإِنْ كَانَتْ عَرِيضَةً فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ إنْ صَلَّى وَذَكَرَ ابْنُ شُجَاعٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ زُفَرَ فِي الرَّجُلِ يَتَوَضَّأُ أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ إذَا غَسَلَ وَجْهَهُ أَنْ يُمِرَّ الْمَاءَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَإِنْ أَصَابَ لِحْيَتَهُ مِنْ الْمَاءِ قَدْرَ ثُلُثِ أَوْ رُبُعِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ أَخَذَ الْحَسَنُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُجْزِيهِ إذَا غَسَلَ وَجْهَهُ أَنْ لَا يَمَسَّ لِحْيَتَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَاءِ وَقَالَ ابْنُ شُجَاعٍ لَمَّا لَمْ يَلْزَمْهُ غَسْلُهَا صَارَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ مِنْ الْوَجْهِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ إذْ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ فَكَانَ الْوَاجِبُ مَسْحَهَا كَمَسْحِ الرَّأْسِ فَيَجْزِي مِنْهُ الرُّبُعُ كَمَا قَالُوا فِي مَسْحِ الرَّأْسِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا تخلوا الحية مِنْ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْوَجْهِ فَيَلْزَمَهُ غَسْلُهَا كَغَسْلِ بَشَرَةِ الْوَجْهِ مِمَّا لَيْسَ عَلَيْهِ شَعْرٌ وَأَنْ لَا تَكُونَ مِنْ الْوَجْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ غَسْلُهَا وَلَا مَسْحُهَا بِالْآيَةِ فَلَمَّا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى سُقُوطِ غَسْلِهَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْوَجْهِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْهُ لَوَجَبَ غَسْلُهَا وَلَمَّا سَقَطَ غَسْلُهَا لَمْ يَجُزْ إيجَابُ مَسْحِهَا لِأَنَّ فِيهِ إثْبَاتَ زِيَادَةٍ فِي الْآيَةِ كَمَا لَمْ يَجُزْ إيجَابُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي نَصِّ الْكِتَابِ وأيضا لوجب مَسْحُهَا كَانَ فِيهِ إثْبَاتُ فَرْضِ الْمَسْحِ وَالْغَسْلِ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْوَجْهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَذَلِكَ خِلَافُ الْأُصُولِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ يَجْتَمِعُ فَرْضُ الْمَسْحِ وَالْغَسْلِ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى يَدِهِ جَبَائِرُ فَيَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ بَاقِي الْعُضْوِ قِيلَ لَهُ إنَّمَا يَجِبُ لِلضَّرُورَةِ وَالْعُذْرِ وَلَيْسَ فِي نَبَاتِ اللِّحْيَةِ ضَرُورَةٌ فِي تَرْكِ الْغَسْلِ وَالْوَجْهُ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ الَّتِي أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى طَهَارَتَهَا فَلَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَيَقْتَضِي مَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ مِنْ سُقُوطِ فَرْضِ غَسْلِهَا وَمَسْحِهَا جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَبُّ إمْرَارَ الْمَاءِ عَلَيْهَا قَوْله تَعَالَى وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْيَدُ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى هَذَا الْعُضْوِ إلَى الْمَنْكِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute