للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ

كُلَّهَا مُجْمَلَةٌ لِجَهَالَةِ مَقَادِيرِهَا فِي حَالِ وُرُودِهَا وَأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ اعْتِبَارَ مَا يَقَعُ عليه الاسم منها فكذلك قوله تعالى بِرُؤُسِكُمْ وَإِنْ اقْتَضَى الْبَعْضُ فَإِنَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ لَمَّا كَانَ مَجْهُولًا عِنْدَنَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُجْمَلًا مَوْقُوفَ الْحُكْمِ عَلَى الْبَيَانِ فَمَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِعْلٍ فِيهِ فَهُوَ بَيَانُ مُرَادِ اللَّهِ بِهِ وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ سَائِرَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لَمَّا كان المفروض منها مقدار وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ مَسْحِ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَهَذَا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ جَمِيعًا لِأَنَّ مَالِكًا يُوجِبُ مَسْحَ الْأَكْثَرِ وَيُجِيزُ تَرْكَ الْقَلِيلِ مِنْهُ فَيَحْصُلُ الْمَفْرُوضُ مَجْهُولَ الْمِقْدَارِ وَالشَّافِعِيُّ يَقُولُ كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسْحِ جَازَ وَذَلِكَ مَجْهُولُ الْقَدْرِ وَمَا قُلْنَا مِنْ مِقْدَارِ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ فَهُوَ مَعْلُومٌ وَكَذَلِكَ الرُّبُعُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَهُوَ مُوَافِقٌ لِحُكْمِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مِنْ كَوْنِ الْمَفْرُوضِ مِنْهَا مَعْلُومَ الْقَدْرِ وَقَوْلُ مُخَالِفِينَا عَلَى خِلَافِ الْمَفْرُوضِ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَيَجُوزُ أَنْ نَجْعَلَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً دَلِيلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ لَهُ بِمِقْدَارِ النَّاصِيَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ نَقُولَ لَمَّا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمَفْرُوضُ فِي مِقْدَارِ الْمَسْحِ مُقَدَّرًا اعْتِبَارًا بِسَائِرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ لَمْ يُقَدِّرْهُ أَحَدٌ بِغَيْرِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ مِقْدَارِ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ أَوْ مِقْدَارِ رُبُعِ الرَّأْسِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْمَفْرُوضُ مِنْ الْمِقْدَارِ فَإِنْ قِيلَ مَا أَنْكَرْت أَنْ يَكُونَ مُقَدَّرًا بِثَلَاثِ شَعَرَاتٍ قِيلَ لَهُ هَذَا مُحَالٌ لِأَنَّ مِقْدَارَ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ لَا يُمْكِنُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الْمَفْرُوضُ مَا لَا يُمْكِنُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَأَيْضًا فَهُوَ قِيَاسٌ عَلَى الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لَمَّا كَانَ مُقَدَّرًا بِالْأَصَابِعِ وَبِهِ وَرَدَتْ السُّنَّةُ وَهُوَ مَسْحٌ بِالْمَاءِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَسْحُ الرَّأْسِ مِثْلَهُ وَأَمَّا وَجْهُ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى الرُّبُعَ فَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الْمَفْرُوضَ الْبَعْضُ وَأَنَّ مَسْحَ شَعْرَةٍ لَا يُجْزِي وَجَبَ اعْتِبَارُ الْمِقْدَارِ الَّذِي يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إذَا أُجْرِيَ عَلَى الشَّخْصِ وَهُوَ الرُّبُعُ لِأَنَّك تَقُولُ رَأَيْت فُلَانًا وَاَلَّذِي يَلِيك مِنْهُ الرُّبُعُ فَيُطْلَقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ فَلِذَلِكَ اعْتَبَرُوا الرُّبُعَ وَاعْتَبَرُوا أَيْضًا فِي حَلْقِ الرَّأْسِ الرُّبُعَ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِيهِ أَنَّهُ يَحِلُّ بِهِ الْمُحْرِمُ إذَا حَلَقَهُ وَلَا يَحِلُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا بِأَقَلَّ مِنْهُ فلذلك يوجبون به ما إذَا حَلَقَهُ فِي الْإِحْرَامِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ مَسْحُهُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ أَصَابِعَ وَإِنْ مَسَحَهُ بِأُصْبُعٍ أَوْ

أُصْبُعَيْنِ وَمَدَّهَا حَتَّى يَكُونَ الْمَمْسُوحُ مِقْدَارَ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ لَمْ يَجُزْ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَزُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ يُجْزِيهِ إلَّا أَنَّ زُفَرَ يَعْتَبِرُ الرُّبُعَ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجْزِي فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>