للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفِعْلِ فَهُوَ مَا

ثَبَتَ بِالنَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ الْمُتَوَاتِرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَسَلَ رجليه في الوضوء

ولم يختلف الأمة فيه فصار فعله ذلك وأراد مَوْرِدَ الْبَيَانِ وَفِعْلُهُ إذَا وَرَدَ عَلَى وَجْهِ الْبَيَانِ فَهُوَ عَلَى الْوُجُوبِ فَثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى بِالْآيَةِ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ فَمَا

رَوَى جَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى قَوْمًا تلوح أعقابهم لم بصبها الْمَاءُ فَقَالَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ وَتَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً مَرَّةً فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ وَقَالَ هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً إلَّا بِهِ

فَقَوْلُهُ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ

وَعِيدٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ إلَّا بِتَرْكِ الْفَرْضِ فَهَذَا يُوجِبُ اسْتِيعَابَ الرِّجْلِ بِالطَّهَارَةِ وَيُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ يُجِيزُ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْبَعْضِ

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ

وَقَوْلُهُ بَعْدَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَا يَقْبَلُ الله له صلاة إلا به

يوجب استيعابهما بِالْغَسْلِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ اسْمٌ لِلْغَسْلِ يَقْتَضِي إجْرَاءَ الْمَاءِ عَلَى الْمَوْضِعِ وَالْمَسْحُ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَفِي الْخَبَرِ الْآخَرِ إخْبَارٌ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ الصَّلَاةَ إلَّا بِغَسْلِهِمَا وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ الْمَسْحُ جَائِزًا لَمَا أَخْلَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيَانِهِ إذْ كَانَ مُرَادُ اللَّهِ فِي الْمَسْحِ كَهُوَ فِي الْغَسْلِ فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَسْحُهُ فِي وَزْنِ غَسْلِهِ فَلَمَّا لَمْ يَرِدْ عَنْهُ الْمَسْحُ حَسَبَ وُرُودِهِ فِي الْغَسْلِ ثَبَتَ أَنَّ الْمَسْحَ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْقِرَاءَتَيْنِ كَالْآيَتَيْنِ فِي إحْدَاهُمَا الْغَسْلُ وَفِي الْأُخْرَى الْمَسْحُ لِاحْتِمَالِهِمَا لِلْمَعْنَيَيْنِ فَلَوْ وَرَدَتْ آيَتَانِ إحْدَاهُمَا تُوجِبُ الْغَسْلَ وَالْأُخْرَى الْمَسْحَ لَمَا جَازَ تَرْكُ الْغَسْلِ إلَى الْمَسْحِ لِأَنَّ فِي الْغَسْلِ زِيَادَةَ فِعْلٍ وَقَدْ اقْتَضَاهُ الْأَمْرُ بِالْغَسْلِ فَكَانَ يَكُونُ حِينَئِذٍ يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُمَا عَلَى أَعَمِّهِمَا حُكْمًا وَأَكْثَرِهِمَا فَائِدَةً وَهُوَ الْغَسْلُ لِأَنَّهُ يَأْتِي عَلَى الْمَسْحِ وَالْمَسْحُ لَا يَنْتَظِمُ الْغَسْلَ وَأَيْضًا لَمَّا حَدَّدَ الرِّجْلَيْنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ كما قال وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ دل على استيعاب الجميع كما دل ذكر الأيدى إلى الْمَرَافِقِ عَلَى اسْتِيعَابِهِمَا بِالْغَسْلِ فَإِنْ قِيلَ

قَدْ رَوَى عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى قَدَمَيْهِ وَنَعْلَيْهِ

قِيلَ لَهُ لَا يَجُوزُ قَبُولُ أَخْبَارِ الْآحَادِ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لِمَا فِيهِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ بِهِ عَلَى مُوجِبِ الْآيَةِ مِنْ الْغَسْلِ عَلَى مَا قَدْ دَلَّلْنَا عَلَيْهِ وَالثَّانِي أَنَّ أَخْبَارَ الْآحَادِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ فِي مِثْلِهِ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَرَأَ وَأَرْجُلَكُمْ بِالنَّصْبِ وَقَالَ الْمُرَادُ الْغَسْلُ

فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَازُ الْمَسْحِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ دُونَ الْغَسْلِ لَمَا قَالَ إنَّ مُرَادَ اللَّهِ الْغَسْلُ وَأَيْضًا فَإِنَّ

الْحَدِيثَ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>