للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَيَغْسِلَ رِجْلَيْهِ فَأَبَاحَ صَلَاتَهُ بَعْدَ غَسْلِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ مَعَ تَرْكِ الِاسْتِنْجَاءِ

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا

حَدِيثُ الْحُصَيْنِ الْحَرَّانِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ وَمَنْ اكْتَحَلَ فَلْيُوتِرْ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حرج

فنفى الحرج عن ترك الِاسْتِجْمَارِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ فَإِنْ قِيلَ إنَّمَا نَفَى الْحَرَجَ عَنْ تَارِكِهِ إلَى الْمَاءِ قِيلَ لَهُ هَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَجَازَ تَرْكَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَمَنْ ادَّعَى تَرْكَهُ إلَى الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ فَإِنَّمَا خَصَّهُ بِغَيْرِ دَلَالَةٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ تَسْقُطُ فَائِدَتُهُ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ أَفْضَلُ مِنْ الِاسْتِجْمَارِ بِالْأَحْجَارِ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَنْفِيَ الْحَرَجَ عَنْ فَاعِلِ الْأَفْضَلِ هَذَا مُمْتَنِعٌ مُسْتَحِيلٌ لَا يَقُولُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ كَانَ وَضْعًا لِلْكَلَامِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَإِنْ قِيلَ

فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ نَهَانَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أن نجتزى بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ

وَرَوَتْ عَائِشَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ

وَأَمْرُهُ عَلَى الْوُجُوبِ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ فَلَا حَرَجَ عَلَى مَا لَا يُسْقِطُ إيجَابَ الْأَمْرِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا نَفَى الْحَرَجَ عَمَّنْ لَمْ يَسْتَجْمِرْ وِتْرًا وَيَفْعَلُهُ شَفْعًا لَا بِأَنْ يَتْرُكَهُ أَصْلًا أَوْ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ إلَى الْمَاءِ لِيَسْلَمَ لَنَا مُقْتَضَى الْأَمْرِ مِنْ الْإِيجَابِ قِيلَ لَهُ بَلْ نَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَنَسْتَعْمِلُهُمَا وَلَا نُسْقِطُ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ فَنَجْعَلُ أَمْرَهُ بِالِاسْتِنْجَاءِ وَنَهْيَهُ عَنْ تَرْكِهِ عَلَى النَّدْبِ وَنَسْتَعْمِلُ مَعَهُ

قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ

فِي نَفْيِ الْإِيجَابِ وَلَوْ اُسْتُعْمِلَ عَلَى مَا ذُكِرَتْ كَانَ فِيهِ إسْقَاطُ أَحَدِهِمَا أَصْلًا لَا سيما إذا كان خبرنا موافقا لما تضمنته نَصُّ الْآيَةِ مِنْ دَلَالَتِهَا عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ مَعَ تَرْكِهِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ فَرْضٍ وَعَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ مَعَ تَرْكِهِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْمُسْتَنْجِي بِالْأَحْجَارِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ وَعَدَمِ الضَّرُورَةِ فِي الْعُدُولِ عَنْهُ إلَى الْأَحْجَارِ وَلَوْ كَانَ الِاسْتِنْجَاءُ فَرْضًا لَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ بِالْمَاءِ دُونَ الْأَحْجَارِ كَسَائِرِ الْبَدَنِ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ كَثِيرَةٌ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِإِزَالَتِهَا بِالْأَحْجَارِ دُونَ غَسْلِهَا بِالْمَاءِ إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ النَّجَاسَةِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَإِنْ قِيلَ أَنْتَ تُجِيزُ فَرْكَ الْمَنِيِّ مِنْ الثَّوْبِ إذَا كَانَ يَابِسًا وَلَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ مَعَ تَرْكِهِ إذَا كَانَ كَثِيرًا فَكَذَلِكَ مَوْضِعُ الِاسْتِنْجَاءِ مَخْصُوصٌ بِجَوَازِ الصَّلَاةِ مَعَ إزَالَتِهِ بِالْأَحْجَارِ قِيلَ لَهُ إنَّمَا أَجَزْنَا ذَلِكَ فِي الْمَنِيِّ وَإِنْ كَانَ نَجِسًا لِخِفَّةِ حُكْمِهِ فِي نَفْسِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ أَصَابَهُ مِنْ ثَوْبِهِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>