فِيهَا فِي الْأَعَمِّ الْأَكْثَرِ كَمَا
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ حَتَّى يَأْوِيَهُ الْجَرِينُ
وَلَيْسَ الْمَقْصِدُ فِيهِ أَنْ يَأْوِيَهُ الْجَرِينُ فَحَسْبُ لِأَنَّهُ لَوْ آوَاهُ بَيْتٌ أَوْ دَارٌ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بُلُوغُ حَالِ الِاسْتِحْكَامِ وَامْتِنَاعِ إسْرَاعِ الْفَسَادِ إلَيْهِ وَإِيوَاءِ الْحِرْزِ لِأَنَّ الْجَرِينَ الَّذِي يَأْوِيهِ حِرْزٌ وَكَمَا قَالَ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ وُجُودَ الْمَخَاضِ بِأُمِّهَا وَإِنَّمَا أريد بِهِ أَنَّهُ قَدْ أَتَى عَلَيْهَا حَوْلٌ وَصَارَتْ فِي الثَّانِي لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ كَانَ بِأُمِّهَا مَخَاضٌ فِي الْأَعَمِّ الْأَكْثَرِ فَكَانَ فَائِدَةُ ذِكْرِ الْمُسَافِرِ مَعَ شَرْطِ عَدَمِ الْمَاءِ مَا وَصَفْنَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَرِيضُ لِأَنَّ الْمَرِيضَ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِعَدَمِ الْمَاءِ فَعَلِمْنَا أَنَّ مُرَادَهُ مَا يَلْحَقُ مِنْ الضَّرَرِ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَعُمُومُ اللَّفْظِ يَقْتَضِي جَوَازَ التَّيَمُّمِ لِلْمَرِيضِ فِي كُلِّ حال لولا ما روى عن السلف واتفق الْفُقَهَاءِ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْمَرَضَ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ لَا يُبِيحُ لَهُ التَّيَمُّمَ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَمَنْ خَافَ بَرْدَ الْمَاءِ إنْ اغْتَسَلَ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ لِمَا يَخَافُ مِنْ الضَّرَرِ
وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ تَيَمَّمَ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لِخَوْفِ الْبَرْدِ فَأَجَازَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَلَمْ يُنْكِرْهُ وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِهِ فِي السَّفَرِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لِخَوْفِ الْبَرْدِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْحَضَرُ مِثْلَهُ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الْمُبِيحَةِ لَهُ وَكَمَا لَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُ الْمَرَضِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ كَذَلِكَ حُكْمُ خَوْفِ ضَرَرِ الْمَاءِ لِأَجْلِ الْبَرْدِ وقَوْله تَعَالَى أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ فإن أو هاهنا بِمَعْنَى الْوَاوِ تَقْدِيرُهُ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ وَذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ إذَا كَانَا مُحْدِثَيْنِ وَلَزِمَهُمَا فَرْضُ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ قَوْلَهُ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ بِمَعْنَى الْوَاوِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكَانَ الْجَائِي مِنْ الْغَائِطِ ثَالِثًا لَهُمَا غَيْرُ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ فَلَا يَكُونُ حِينَئِذٍ وُجُوبُ الطَّهَارَةِ عَلَى الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ مُتَعَلِّقًا بِالْحَدَثِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ لَا يَلْزَمُهُمَا التَّيَمُّمُ إلَّا أَنْ يَكُونَا مُحْدِثَيْنِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَوْله تَعَالَى أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ بِمَعْنَى وَجَاءَ أَحَدُكُمْ كَقَوْلِهِ وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ مَعْنَاهُ وَيَزِيدُونَ وَكَقَوْلِهِ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما وَمَعْنَاهُ غَنِيًّا وَفَقِيرًا وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً فَإِنَّ السَّلَفَ قَدْ تَنَازَعُوا فِي مَعْنَى الْمُلَامَسَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ
فَقَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو مُوسَى وَالْحَسَنُ وَعُبَيْدَةُ وَالشَّعْبِيُّ هِيَ كِنَايَةٌ عَنْ الْجِمَاعِ
وَكَانُوا لَا يُوجِبُونَ الْوُضُوءَ لِمَنْ مَسَّ امْرَأَتَهُ وَقَالَ عُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ الْمُرَادُ اللَّمْسُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute