للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ لَهُ إذَا طَرَأَ عَلَيْهَا مَا ذَكَرْت قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ خَرَجَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنْ يَكُونَ عِدَّةً مُعْتَدًّا بِهِ وَأَنْتَ لَا تُخْرِجُ مَا غُسِلَ مِنْ أَنْ يَكُونَ طَهَارَةً وَكَذَلِكَ التَّيَمُّمُ وَدَلِيلٌ آخَرُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التُّرَابُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ مَا لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ

وَالدَّلَالَةُ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ مَا لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ فَأُدْخِلَ عَلَيْهَا الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَذَلِكَ لِأَحَدِ وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ تَكُونَ لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ أَوْ الْمَعْهُودِ فَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ اسْتِغْرَاقَ الْجِنْسِ صَارَ فِي التَّقْدِيرِ كَأَنَّهُ قَالَ التُّرَابُ طَهُورٌ مَا لَمْ يَجِدْ مِيَاهَ الدُّنْيَا وَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ المعهود فهو قولنا أيضا لأنه ليس هاهنا مَاءٌ مَعْهُودٌ يَجُوزُ أَنْ يَنْصَرِفَ الْكَلَامُ إلَيْهِ غَيْرُ الْمَاءِ الَّذِي يَقَعُ بِهِ كَمَالُ الطَّهَارَةِ وَذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ فِي مَسْأَلَتِنَا فَجَازَ تَيَمُّمُهُ بِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعِلْمِ بِكَوْنِ الْمَاءِ فِي رَحْلِهِ هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي الْوُجُودِ أَمْ لَا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ إذَا نَسِيَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ وَهُوَ مُسَافِرٌ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى أَجْزَأَهُ وَلَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَا بعده وقال مالك ولا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَا يُعِيدُ بَعْدَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ يُعِيدُ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا وَالنَّاسِي غَيْرُ وَاجِدٍ لِمَا هُوَ نَاسٍ لَهُ إذْ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى الْوُصُولِ إلَى اسْتِعْمَالِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا مَاءَ فِي رَحْلِهِ وَلَا بِحَضْرَتِهِ وَقَالَ اللَّهُ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا فاقتضى ذلك سقوط حكم المنسى وأيضا قال الله تعالى فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْخِطَابَ لَمْ يَتَوَجَّهْ إلَى النَّاسِي لِأَنَّ تَكْلِيفَ النَّاسِي لَا يَصِحُّ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا مُكَلَّفًا بِالْغَسْلِ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِالتَّيَمُّمِ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ سُقُوطُهُمَا جَمِيعًا عَنْهُ مَعَ الْإِمْكَانِ فَثَبَتَ جَوَازُ تَيَمُّمِهِ وَأَيْضًا لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي مفازة وطلب في الْمَاءَ فَلَمْ يَجِدْهُ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ بِئْرٌ مُغَطَّى الرَّأْسِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَوُجُودُ الْمَاءِ لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِأَنْ يَكُونَ مَالِكُهُ أَوْ فِي نَهْرٍ أَوْ فِي بِئْرٍ فَلَمَّا كَانَ جَهْلُهُ بِمَاءِ الْبِئْرِ مُخْرِجُهُ مِنْ حُكْمِ الْوُجُودِ كَذَلِكَ جَهْلُهُ بِالْمَاءِ الَّذِي فِي رَحْلِهِ فَإِنْ قِيلَ لَوْ نسى الطهارة أو الصلاة لم يسقطها النِّسْيَانُ فَكَذَلِكَ نِسْيَانُ الْمَاءِ قِيلَ لَهُ ظَاهِرُ

قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ

يَقْتَضِي سُقُوطَهُ وَكَذَلِكَ نَقُولُ وَاَلَّذِي أَلْزَمْنَاهُ عِنْدَ الذِّكْرِ هُوَ فَرْضٌ آخَرُ غَيْرُ الْأَوَّلِ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ سَقَطَ وَإِنَّمَا أَلْزَمْنَا النَّاسِيَ فِعْلَ الصَّلَاةِ وَأَلْزَمْنَاهُ الطَّهَارَةَ الْمَنْسِيَّةَ بِدَلَالَةٍ أُخْرَى وَإِلَّا فَالنِّسْيَانُ يُسْقِطُ عَنْهُ الْقَضَاءَ لَوْلَا الدَّلَالَةُ وَأَيْضًا فَلَا تَأْثِيرَ لِلنِّسْيَانِ بِانْفِرَادِهِ فِي سُقُوطِ الْفَرْضِ إلَّا بِانْضِمَامِ مَعْنًى آخَرَ إلَيْهِ فَيَصِيرَانِ عُذْرًا فِي سُقُوطِهِ نَحْوُ السَّفَرِ الَّذِي هُوَ حَالَ عَدَمِ الْمَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>