للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِسَانِهِ بِالتَّلْبِيَةِ اسْتِحْبَابًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُلَبِّيًا قِيلَ لَهُ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا أَنَّ أَفْعَالَ الْمَنَاسِكِ قَدْ يَنُوبُ عَنْهُ الْغَيْرُ فِيهَا فِي حَالٍ فَيَصِيرُ حُكْمُ فِعْلِهِ كَفِعْلِهِ فَجَازَ أَنْ يَنُوبَ عَنْ الْحَلْقِ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْغَيْرُ عَنْهُ فَيُجْزِي وَكَذَلِكَ تَلْبِيَةُ الْغَيْرِ قد تنوب عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي حَالِ الْإِغْمَاءِ فَلِذَلِكَ اُسْتُحِبَّ لَهُ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُلَبِّيًا إذَا كَانَ أَخْرَسَ وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلَا يَنُوبُ عَنْهُ فِيهَا غَيْرُهُ وَلَا يَجُوزُ أن يفعل ما ليس بصلاة متشابها بِالْمُصَلِّينَ فَيَصِيرُ هَذَا الْفِعْلُ وَتَرْكُهُ سَوَاءً لَا مَعْنَى لَهُ فَلِذَلِكَ لَمْ يَسْتَحِبَّهُ فَإِنْ احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ فِي قِصَّةِ قِلَادَةِ عَائِشَةَ حِينَ صلت وَأَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ لِطَلَبِ الْقِلَادَةِ صَلَّوْا بِغَيْرِ تَيَمُّمٍ وَلَا وُضُوءٍ وَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ ثُمَّ نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ فِعْلَهَا بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَلَا تَيَمُّمٍ قِيلَ لَهُ إنَّ آيَةَ التَّيَمُّمِ لَمْ تَكُنْ نَزَلَتْ وَقْتَ مَا صَلَّوْا وَلَمْ يَكُنْ التَّيَمُّمُ وَاجِبًا وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِالْإِعَادَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدُلَّ عَلَى أَنْ لَا إعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَلَا تَيَمُّمٍ إذَا لَمْ يَجِدْهُمَا فَلَمَّا قَالَ مُخَالِفُونَا إنَّهُ يُعِيدُ عَلِمْنَا أَنَّ حُكْمَ مَنْ ذُكِرَ مُخَالِفٌ لِأُولَئِكَ وَأَيْضًا فَإِنَّ أُولَئِكَ كَانُوا وَاجِدِينَ لِلتُّرَابِ غَيْرَ وَاجِدِينَ لِلْمَاءِ وَأَنْتَ لَا تَقُولُ ذَلِكَ فِيمَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِمْ وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا جَائِزٌ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لِمَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ وَيُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ إذَا دَخَلَ الْوَقْتُ وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ دُخُولِهِ وَدَلِيلُنَا قَوْلُهُ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَأَمَرَ بِالتَّيَمُّمِ بَعْدَ الْحَدَثِ إذَا عُدِمَ الْمَاءُ وَلَمْ يُفَرِّقْ فِيهِ بَيْنَ حَالِهِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ وَأَيْضًا قَالَ إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَقَدْ دَلَّلْنَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنَّ مَعْنَاهُ إذَا أَرَدْتُمْ الْقِيَامَ وَأَنْتُمْ مُحْدِثُونَ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ التَّيَمُّمَ وَأَبَاحَهُ فِي الْحَالِ الَّتِي أَمَرَ فِيهَا بِالْوُضُوءِ

لَوْ كَانَ وَاجِدًا لِلْمَاءِ وَأَيْضًا لِمَا قَالَ تَعَالَى أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ وَأَمَرَ بِتَقْدِيمِ الطَّهَارَةِ لَهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَكَانَتْ الطَّهَارَةُ شَيْئَيْنِ الْمَاءُ عِنْدَ وُجُودِهِ وَالتُّرَابُ عِنْدَ عَدَمِهِ اقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازَ تَقْدِيمِ التَّيَمُّمِ عَلَى الْوَقْتِ لِيُصَلِّيَ فِي أَوَّلِهِ عَلَى شَرْطِ الْآيَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التُّرَابُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ مَا لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ

وَقَوْلُهُ لِأَبِي ذَرٍّ التُّرَابُ كَافِيك وَلَوْ إلَى عَشْرِ حِجَجٍ

وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِنَّمَا عَلَّقَ جَوَازَهُ بِعَدَمِ الْمَاءِ لَا بِالْوَقْتِ فَإِنْ قِيلَ عَلَى اسْتِدْلَالِنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ إنَّ ذَلِكَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ وَهُوَ مُضْمَرٌ فِيهِ فَكَانَ تَقْدِيرُهُ إذَا قُمْتُمْ إلى الصلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>