للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُقْطَعُ فِيهِ وَيَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَيُقْطَعُ فِيهَا

فَرُبَّمَا ظَنَّ بَعْضُ مَنْ لَا رَوِيَّةَ لَهُ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ يُقْطَعُ فِيهِ لِذِكْرِ الْبَيْضَةِ وَالْحَبْلِ وَهُمَا فِي الْعَادَةِ أَقَلُّ قِيمَةً مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مَا يَظُنُّهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بَيْضَةُ الْحَدِيدِ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ فِي بَيْضَةٍ مِنْ حَدِيدٍ قِيمَتُهَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا

وَلِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ سَارِقَ بَيْضَةِ الدَّجَاجِ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْحَبْلُ فَقَدْ يَكُونُ مِمَّا يُسَاوِي الْعَشَرَةَ وَالْعِشْرِينَ وأكثر من ذلك.

(فصل) وَأَمَّا اعْتِبَارُ الْحِرْزِ فَالْأَصْلُ فِيهِ مَا

رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا قَطْعَ عَلَى خَائِنٍ رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ

وهو يشتمل عَلَى نَفْيِ الْقَطْعِ فِي جَمِيعِ مَا ائْتُمِنَ الْإِنْسَانُ فِيهِ فَمِنْهَا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا ائْتَمَنَ غَيْرَهُ عَلَى دُخُولِ بَيْتِهِ وَلَمْ يُحْرِزْ مِنْهُ مَالَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَطْعُ إذَا خَانَهُ لِعُمُومِ لَفْظِ الْخَبَرِ وَيَصِيرُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الْمُودَعِ وَالْمُضَارِبِ وَقَدْ نَفَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

بِقَوْلِهِ لَا قَطْعَ عَلَى خَائِنٍ

وُجُوبَ الْقَطْعِ عَلَى جَاحِدِ الْوَدِيعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَسَائِرِ الْأَمَانَاتِ وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى نَفْيِ الْقَطْعِ عَنْ الْمُسْتَعِيرِ إذَا جَحَدَ الْعَارِيَّةَ وَمَا

رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَطَعَ الْمَرْأَةَ الَّتِي كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ

فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى وُجُوبِ الْقَطْعِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ إذَا خَانَ إذْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ قَطَعَهَا لِأَجْلِ جُحُودِهَا لِلْعَارِيَّةِ وَإِنَّمَا ذُكِرَ جُحُودُ الْعَارِيَّةِ تَعْرِيفًا لها إذ كَانَ ذَلِكَ مُعْتَادًا مِنْهَا حَتَّى عُرِفَتْ بِهِ فَذُكِرَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّعْرِيفِ وَهَذَا مِثْلُ مَا

رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِلرَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا يُحْجِمُ الْآخَرَ فِي رَمَضَانَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ

فَذَكَرَ الْحِجَامَةَ تَعْرِيفًا لَهُمَا وَالْإِفْطَارُ وَاقِعٌ بِغَيْرِهَا وَقَدْ رُوِيَ فِي أَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ وَهِيَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي ذُكِرَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهَا كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَبَيَّنَ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ قَطَعَهَا لِسَرِقَتِهَا وَيَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الْحِرْزِ أَيْضًا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَرِيسَةِ الْجَبَلِ فَقَالَ فِيهَا غَرَامَةُ مِثْلِهَا وَجَلَدَاتٌ نَكَالٌ فَإِذَا أَوَاهَا الْمُرَاحُ وَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ الْقَطْعُ وَقَالَ لَيْسَ فِي الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ قَطْعٌ حَتَّى يَأْوِيَهُ الْجَرِينُ فَإِذَا أَوَاهُ الْجَرِينُ فَفِيهِ الْقَطْعُ إذَا بَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ وَدَلَالَةُ هَذَا الْخَبَرِ عَلَى وُجُوبِ اعْتِبَارِ الْحِرْزِ أَظْهَرُ مِنْ دَلَالَةِ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُكْتَفِيًا بِنَفْسِهِ فِي وُجُوبِ اعْتِبَارِهِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي أَنَّ الْحِرْزَ شَرْطٌ فِي القطع وأصله من السُّنَّةِ مَا وَصَفْنَا وَالْحِرْزُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا مَا بُنِيَ لِلسُّكْنَى وَحِفْظِ الْأَمْوَالِ مِنْ الْأَمْتِعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>