للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الخمر يوما حُرِّمَتْ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ وَهَذَا جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ لَمَّا كَانَ مُحَرَّمًا سَمَّاهُ خَمْرًا وَأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُجْرُونَهُ مَجْرَى الْخَمْرِ وَيُقِيمُونَهُ مَقَامَهَا لَا أَنَّ ذَلِكَ اسْمٌ لَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ قَتَادَةَ رَوَى عَنْ أَنَسٍ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالَ إنَّمَا نَعُدُّهَا يَوْمَئِذٍ خَمْرًا فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعُدُّونَهَا خَمْرًا عَلَى مَعْنَى أَنَّهُمْ يُجْرُونَهَا مَجْرَى الْخَمْرِ وَرَوَى ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ حُرِّمَتْ عَلَيْنَا الْخَمْرُ يَوْمَ حُرِّمَتْ وَمَا نَجِدُ خُمُورَ الْأَعْنَابِ إلَّا الْقَلِيلَ وَعَامَّةُ خُمُورِنَا الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ وَمَعَ هَذَا أَيْضًا مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُجْرُونَهُ مَجْرَى الْخَمْرِ فِي الشُّرْبِ وَطَلَبِ الْإِسْكَارِ وَطَيِّبَةِ النَّفَسِ وَإِنَّمَا كَانَ شَرَابُ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ وَرَوَى الْمُخْتَارُ بْنُ فَلِفُلٍّ قَالَ سَأَلْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ الْأَشْرِبَةِ فَقَالَ حُرِّمَتْ الْخَمْرُ وَهِيَ مِنْ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَمَا خُمِّرَتْ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ خَمْرٌ فَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مِنْ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ وَذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا مِنْ سِتَّةِ أَشْيَاءَ فَكَانَ عِنْدَهُ أَنَّ مَا أَسْكَرَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ فَهُوَ خَمْرٌ ثُمَّ قَالَ وَمَا خُمِّرَتْ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ خَمْرٌ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا سَمَّى ذَلِكَ خَمْرًا فِي حَالِ الْإِسْكَارِ وَأَنَّ مَا لَا يُسْكِرُ مِنْهُ فَلَيْسَ بِخَمْرٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ إنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ مِنْ الْعِنَبِ والتمر والعسل وَالشَّعِيرِ وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ وَهَذَا أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا سَمَّاهُ خَمْرًا فِي حَالِ مَا أَسْكَرَ إذَا أَكْثَرَ مِنْهُ لِقَوْلِهِ وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ السِّرِّيِّ بْنِ إسْمَاعِيلِ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أن مِنْ الْحِنْطَةِ خَمْرًا وَإِنَّ مِنْ الشَّعِيرِ خَمْرًا وَإِنَّ مِنْ الزَّبِيبِ خَمْرًا وَإِنَّ مِنْ التَّمْرِ خَمْرًا وَإِنَّ مِنْ الْعَسَلِ خَمْرًا

وَلَمْ يَقُلْ إنَّ جَمِيعَ مَا يَكُونُ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ خمر وإنما أخبر أن منهم خَمْرًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَا يُسْكِرُ منه فيكون محرما في تلك الحال ولم يُرِدْ بِذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ اسْمٌ لِهَذِهِ الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ بِأَسَانِيدَ أَصَحَّ مِنْ إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ الْخَمْرُ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ وَهُوَ مَا

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيِّ وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ النَّخْلَةِ وَالْعِنَبِ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابن عمار الموصلي قال حدثنا عبدة ابن سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدٍ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ بْن عَمَّارٍ عَنْ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>