للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخُصُوصِ أَيْضًا وَاسْتِعْمَالُهُ عَلَى الْعُمُومِ فِي جَمِيعِ مَا انْتَظَمَهُ الِاسْمُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَوْلَى مِنْ اسْتِعْمَالِهِ عَلَى الْخُصُوصِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ الْمِثْلُ اسْمٌ لِلنَّظِيرِ وَلَيْسَ بِاسْمٍ لِلْقِيمَةِ وَإِنَّمَا أُوجِبَتْ الْقِيمَةُ فِيمَا لَا نَظِيرَ لَهُ مِنْ الصَّيْدِ بِالْإِجْمَاعِ لَا بِالْآيَةِ قِيلَ لَهُ هَذَا غَلَطٌ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ سَمَّى الْقِيمَةَ مِثْلًا فِي قَوْله تَعَالَى فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِيمَنْ اسْتَهْلَكَ عَبْدًا أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ وَحَكَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُعْتِقِ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ إذَا كَانَ مُوسِرًا فَبَانَ بِذَلِكَ غَلَطُ هَذَا الْقَائِلِ فِي نَفْيِهِ اسْمَ الْمِثْلِ عَنْ الْقِيمَةِ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَك إنَّ الْآيَةَ لَمْ تَقْتَضِ إيجَابَ الْجَزَاءِ فِيمَا لَا نَظِيرَ لَهُ تَخْصِيصٌ لَهَا بِغَيْرِ دَلِيلٍ مَعَ دُخُولِ ذَلِكَ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وقوله وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً والهاء في قتله كِنَايَةٌ عَنْ جَمِيعِ الْمَذْكُورِ مِنْ الصَّيْدِ فَإِذَا خرجت مِنْهُ بَعْضَهُ فَقَدْ خَصَّصْته بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَذَلِكَ غَيْرُ سَائِغٍ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمِثْلَ الْقِيمَةُ دُونَ النَّظِيرِ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ قَدْ رُوِيَ عَنْهُمْ فِي الْحَمَامَةِ شَاةٌ وَلَا تَشَابُهَ بَيْنَ الْحَمَامَةِ وَالشَّاةِ فِي الْمَنْظَرِ فَعَلِمْنَا أَنَّهُمْ أَوْجَبُوهَا عَلَى وَجْهِ الْقِيمَةِ فَإِنْ قِيلَ

رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَعَلَ فِي الضَّبُعِ كَبْشًا

قِيلَ لَهُ لِأَنَّ تِلْكَ كَانَتْ قِيمَتُهُ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ أَوْجَبَهُ مِنْ حَيْثُ كَانَ نَظِيرًا لَهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إنَّمَا كَانَ يَسُوغُ هَذَا التأويل وحمل الآية على القيمة ولم يَكُنْ فِي الْآيَةِ بَيَانُ الْمُرَادِ بِالْمِثْلِ وَقَدْ فُسِّرَ فِي نَسَقِ الْآيَةِ مَعْنَى الْمِثْلِ فِي قوله فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ فَأَخْبَرَ أَنَّ الْمِثْلَ مِنْ النَّعَمِ وَلَا مَسَاغَ لِلتَّأْوِيلِ مَعَ النَّصِّ قِيلَ لَهُ إنَّمَا كَانَ يَكُونُ عَلَى مَا ادَّعَيْت لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَصِلْهُ بِمَا أَسْقَطَ دَعْوَاك وَهُوَ قَوْلُهُ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً فَلَمَّا وَصَلَهُ بِمَا ذَكَرَ وَأَدْخَلَ عَلَيْهِ حَرْفَ التَّخْيِيرِ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ ذِكْرَ النَّعَمِ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ التَّفْسِيرِ لِلْمِثْلِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الطَّعَامَ وَالصِّيَامَ جَمِيعًا وَلَيْسَا مِثْلًا وَأَدْخَلَ أَوْ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ النِّعَمِ وَلَا فَرْقَ إذْ كَانَ ذَلِكَ تَرْتِيبُ الْآيَةِ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ طَعَامًا أَوْ صِيَامًا أَوْ مِنْ النَّعَمِ هَدْيًا لِأَنَّ تَقْدِيمَ ذِكْرِ النَّعَمِ فِي التِّلَاوَةِ لَا يُوجِبُ تَقْدِيمَهُ فِي الْمَعْنَى بَلْ الْجَمِيعُ كَأَنَّهُ مَذْكُورٌ مَعًا أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ لَمْ يَقْتَضِ كَوْنَ الطَّعَامِ مُقَدَّمًا عَلَى الْكِسْوَةِ وَلَا الْكِسْوَةِ مُقَدَّمَةً عَلَى الْعِتْقِ فِي الْمَعْنَى بَلْ الْكُلُّ كَأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>