للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْلِمِ فِي السَّفَرِ وَكَانَ نُزُولُهَا عَلَى السَّبَبِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَعَدِيِّ بْنِ بَدَاءٍ فَذَكَرَ بَعْضَ السَّبَبِ فِي الْآيَةِ ثُمَّ قَالَ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الموت فَجَعَلَ شَرْطَ قَبُولِ شَهَادَةِ الذِّمِّيِّينَ عَلَى الْوَصِيَّةِ أَنْ تَكُونَ فِي حَالِ السَّفَرِ وَقَوْلُهُ حِينَ الوصية قَدْ تَضَمَّنَ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدَانِ هُمَا الْوَصِيَّيْنِ لِأَنَّ الْمُوصِيَ أَوْصَى إلَى ذِمِّيَّيْنِ ثُمَّ جَاءَا فَشَهِدَا بِوَصِيَّةٍ فَضَمِنَ ذَلِكَ جَوَازُ شَهَادَةِ الْوَصِيَّيْنِ عَلَى وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ ثُمَّ قَالَ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الموت يعنى قصة الموت الموصى قال تحبسونهما من بعد الصلاة يَعْنِي لَمَّا اتَّهَمَهُمَا الْوَرَثَةُ فِي حَبْسِ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَأَخْذِهِ عَلَى مَا رَوَاهُ عِكْرِمَةُ فِي قِصَّةِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَعَلَى مَا قَالَهُ أَبُو مُوسَى فِي اسْتِحْلَافِهِ الذِّمِّيَّيْنِ مَا خانا ولا كذبا فصار مُدَّعًى عَلَيْهِمَا فَلِذَلِكَ اُسْتُحْلِفَا لَا مِنْ حَيْثُ كَانَا شَاهِدِينَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ الله يَعْنِي فِيمَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ وَأَشْهَدَهُمَا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا استحقا إثما يَعْنِي ظُهُورَ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ فِي أَيْدِيهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ جَامُ الْفِضَّةِ الَّذِي ظَهَرَ فِي أَيْدِيهِمَا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ فَزَعَمَا أنهما كانا اشتريا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى فَآخَرَانِ يقومان مقامهما يَعْنِي فِي الْيَمِينِ لِأَنَّهُمَا صَارَا فِي هَذِهِ الْحَالِ مُدَّعِيَيْنِ لِلشِّرَى فَصَارَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَعَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ إلَّا وَارِثَانِ فَكَانَا مُدَّعًى عَلَيْهِمَا فَلِذَلِكَ اُسْتُحْلِفَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ أَوْلَى مِنْ الْيَمِينِ الَّتِي حَلَفَ بِهَا الْوَصِيَّانِ أَنَّهُمَا مَا خَانَا ولا بد لا لِأَنَّ الْوَصِيَّيْنِ صَارَا فِي هَذِهِ الْحَالِ مُدَّعِيَيْنِ وصار الوارثان مدعى عليهما وقد كان برئا فِي الظَّاهِرِ بَدِيًّا بِيَمِينِهِمَا فَمَضَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الْوَصِيَّةِ فَلَمَّا ظَهَرَ فِي أَيْدِيهِمَا شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ صَارَتْ أَيْمَانُ الْوَارِثِينَ أَوْلَى وَقَدْ اختلف في تأويل قوله تعالى الأوليان فَرُوِيَ عَنْ سَعِيدٍ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ مَعْنَى الْأَوْلَيَانِ بِالْمَيِّتِ يَعْنِي الْوَرَثَةَ وَقِيلَ الْأُولَيَانِ بِالشَّهَادَةِ وَهِيَ الْأَيْمَانُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى إيجَابِ الْيَمِينِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ فِيمَا شَهِدَا بِهِ وَإِنَّمَا أَوْجَبَتْ الْيَمِينَ عَلَيْهِمَا لَمَّا ادَّعَى الْوَرَثَةُ عَلَيْهِمَا الْخِيَانَةَ وَأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ فَصَارَ بَعْضُ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ الشَّهَادَاتِ أَيْمَانًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْوَصِيَّةِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْحُقُوقِ لقوله تعالى شهادة بينكم لَا مَحَالَةَ أُرِيدَ بِهَا شَهَادَاتُ الْحُقُوقِ لِقَوْلِهِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>