للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْخُمُسَ مَصْرُوفٌ فِي وُجُوهِ الْقُرَبِ إلَى اللَّه تَعَالَى ثُمَّ بَيَّنَ تِلْكَ الوجوه فقال وللرسول ولذى القربى الْآيَةَ فَأَجْمَلَ بَدِيًّا حُكْمَ الْخُمُسِ ثُمَّ فَسَّرَ الْوُجُوهَ الَّتِي أَجْمَلَهَا فَإِنْ قِيلَ لَوْ أَرَادَ ما قلت لقال فأن لله خمسه وللرسول وَلِذِي الْقُرْبَى وَلَمْ يَكُنْ يُدْخِلُ الْوَاوَ بَيْنَ اسْمِ اللَّه تَعَالَى وَاسْمِ رَسُولِ اللَّه قِيلَ لَهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ إدْخَالُ الْوَاوِ وَالْمُرَادُ إلْغَاؤُهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الفرقان وضياء وَالْوَاوُ مُلْغَاةٌ وَالْفُرْقَانُ ضِيَاءٌ وَقَالَ تَعَالَى فَلَمَّا أسلما وتله للجبين مَعْنَاهُ لَمَّا أَسْلَمَا تَلَّهُ لِلْجَبِينِ لِأَنَّ قَوْلَهُ فلما أسلما يَقْتَضِي جَوَابًا وَجَوَابُهُ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَكَمَا قَالَ الشاعر:

بل شَيْءٌ يُوَافِقُ بَعْضَ شَيْءٍ وَأَحْيَانًا وَبَاطِلُهُ كَثِيرُ وَمَعْنَاهُ يُوَافِقُ بَعْضَ شَيْءٍ أَحْيَانًا وَالْوَاوُ مُلْغَاةٌ وَكَمَا قَالَ الْآخَرُ:

فَإِنَّ رَشِيدًا وَابْنَ مَرْوَانَ لَمْ يَكُنْ لِيَفْعَلَ حَتَّى يُصْدِرَ الْأَمْرَ مَصْدَرَا وَمَعْنَاهُ فَإِنَّ رَشِيدَ بْنَ مَرْوَانَ وَقَالَ الْآخَرُ:

إلى الملك القرم وابن الهام وَلَيْثِ الْكَتِيبَةِ فِي الْمُزْدَحَمِ وَالْوَاوُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ دُخُولُهَا وَخُرُوجُهَا سَوَاءٌ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أن قوله فأن لله خمسه عَلَى أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا وَجَائِزٌ أَنْ يكون جَمِيعًا مُرَادَيْنِ لَاحْتِمَال الْآيَةِ لَهُمَا فَيَنْتَظِمُ تَعْلِيمُنَا افْتِتَاحَ الْأُمُورِ بِذِكْرِ اللَّه تَعَالَى وَأَنَّ الْخُمُسَ مَصْرُوفٌ فِي وُجُوهِ الْقُرَبِ إلَى اللَّه تَعَالَى فكان للنبي صلّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ سَهْمٌ مِنْ الْخُمُسِ وَكَانَ لَهُ الصَّفِيُّ وَسَهْمٌ مِنْ الْغَنِيمَةِ كَسَهْمِ رَجُلٍ مِنْ الْجُنْدِ إذَا شَهِدَ الْقِتَالَ

وَرَوَى أَبُو حَمْزَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عليه وآله وسلم أنه قال وفد عَبْدِ الْقَيْسِ آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّه وَتُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَتُعْطُوا سَهْمَ اللَّه مِنْ الْغَنَائِمِ وَالصَّفِيِّ

وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي سهم النبي صلّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ قَيْسِ بن مسلم عن الحسن ابن محمد بن الحنيفة قَالَ اخْتَلَفَ النَّاسُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ فِي سَهْمِ الرَّسُولِ وَسَهْمِ ذِي الْقُرْبَى فَقَالَتْ طَائِفَةٌ سَهْمُ الرَّسُولِ لِلْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِهِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ سَهْمُ ذِي الْقُرْبَى لِقَرَابَةِ الْخَلِيفَةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ جَعَلُوا هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ فِي الْكُرَاعِ وَالْعِدَّةِ فِي سَبِيلِ اللَّه قَالَ أَبُو بكر سهم النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم إنما كان له مادام حَيًّا فَلَمَّا تُوُفِّيَ سَقَطَ سَهْمُهُ كَمَا سَقَطَ الصَّفِيُّ بِمَوْتِهِ فَرَجَعَ سَهْمُهُ إلَى جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ كَمَا رَجَعَ إلَيْهَا وَلَمْ يَعُدْ لِلنَّوَائِبِ وَاخْتُلِفَ فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يُقَسَّمُ الْخُمُسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>