وَإِنْ كَانَ مُعْتَقِدًا لِلْإِيمَانِ مُعْتَرِفًا بِلُزُومِ شَرَائِعِهِ قِيلَ لَهُ لَوْ كَانَ فِعْلُ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مِنْ شَرَائِطِ زَوَالِ الْقَتْلِ لَمَا زَالَ الْقَتْلُ عمن أسلم في غير وقت الصلاة وعم لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مَعَ إسْلَامِهِ فَلَمَّا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى زَوَالِ الْقَتْلِ عَمَّنْ وَصَفْنَا أَمْرَهُ بَعْدَ اعْتِقَادِهِ لِلْإِيمَانِ لِلُزُومِ شَرَائِعِهِ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ فِعْلَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ لَيْسَ مِنْ شَرَائِطِ زَوَالِ الْقَتْلِ وَأَنَّ شَرْطَهُ إظْهَارُ الْإِيمَانِ وَقَبُولُ شَرَائِعِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ قَبُولَ الْإِيمَانِ وَالْتِزَامَ شَرَائِعِهِ لَمَّا كَانَ شَرْطًا فِي ذَلِكَ لَمْ يزل عنه القتل عند إخلاصه بِبَعْضِ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَتْ الصَّحَابَةُ سَبَتْ ذَرَارِيَّ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَقَتَلَتْ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَمَّوْهُمْ أَهْلَ الرِّدَّةِ لِأَنَّهُمْ امْتَنَعُوا مِنْ الْتِزَامِ الزَّكَاةِ وَقَبُولِ وُجُوبِهَا فَكَانُوا مُرْتَدِّينَ بِذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ كَفَرَ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَقَدْ كَفَرَ بِهِ كُلِّهِ وَعَلَى ذَلِكَ أَجْرَى حُكْمَهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ مَعَ سَائِرِ الصَّحَابَةِ حِينَ قَاتَلُوهُمْ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ مُرْتَدُّونَ بِامْتِنَاعِهِمْ مِنْ قَبُولِ فَرْضِ الزَّكَاةِ مَا
رَوَى مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ارْتَدَّتْ الْعَرَبُ كَافَّةً فَقَالَ عُمَرُ يَا أَبَا بَكْرٍ أَتُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَ الْعَرَبَ كَافَّةً فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ إذَا شَهِدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّه وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّه وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ مَنَعُونِي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ واللَّه لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا مِمَّا كَانُوا يُعْطُونَ إلَى رَسُولِ اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ
وَرَوَى مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عن الحسن قال ما قبض رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ ارْتَدَّتْ الْعَرَبُ عَنْ الْإِسْلَامِ إلَّا أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَنَصَبَ أَبُو بَكْرٍ لَهُمْ الْحَرْبَ فَقَالُوا فإذا تشهد أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّه وَنُصَلِّي وَلَا نُزَكِّي فَمَشَى عُمَرُ وَالْبَدْرِيُّونَ إلَى أَبِي بَكْرٍ وَقَالُوا دَعْهُمْ فَإِنَّهُمْ إذَا اسْتَقَرَّ الْإِسْلَامُ فِي قُلُوبِهِمْ وَثَبَتَ أَدَّوْا فَقَالَ واللَّه لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا مِمَّا أَخَذَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وآله وسلم لقتالتهم عَلَيْهِ وَقَاتَلَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَلَى ثَلَاثٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّه وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ
وَقَالَ اللَّه تَعَالَى فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزكاة فخلوا سبيلهم واللَّه لا أسئل فَوْقَهُنَّ وَلَا أُقَصِّرُ دُونَهُنَّ فَقَالُوا لَهُ يَا أَبَا بَكْرٍ نَحْنُ نُزَكِّي وَلَا نَدْفَعُهَا إلَيْك فَقَالَ لَا واللَّه حَتَّى آخُذَهَا كَمَا أَخَذَهَا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ وَأَضَعَهَا مَوَاضِعَهَا وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ مِثْلَهُ
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّه بْنِ عَبْدِ اللَّه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا قُبِضَ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ وَارْتَدَّ مَنْ ارْتَدَّ مِنْ الْعَرَبِ بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ لِقِتَالِ مَنْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّه فَإِذَا فَعَلُوا ذلك عصموا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute