للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكْمُهُمْ فِي إيجَابِ الْجِزْيَةِ وَسُقُوطِهَا وَأَمَّا شَرْطُ عُمَرَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَغْمِسُوا أَوْلَادَهُمْ فِي النَّصْرَانِيَّةِ فَإِنَّهُ

قَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ شَرَطَ أَنْ لَا يَصْبُغُوا أَوْلَادَهُمْ فِي النَّصْرَانِيَّةِ إذَا أَرَادُوا الْإِسْلَامَ

فَإِنَّمَا شَرَطَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا أَوْلَادَهُمْ الْإِسْلَامَ إذَا أَرَادُوهُ

وَقَدْ حَدَّثَنَا مَكْرَمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَكْرَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَطِيَّةَ الْكُوفِيُّ قَالَ سَمِعْت أَبَا عُبَيْدٍ يَقُولُ كُنَّا مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ إذْ أَقْبَلَ الرَّشِيدُ فَقَامَ النَّاسُ كُلُّهُمْ إلَّا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُمْ وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ مُعْتَلَّ الْقَلْبِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فَقَامَ وَدَخَلَ وَدَخَلَ النَّاسُ مِنْ أَصْحَابِ الْخَلِيفَةِ فَأَمْهَلَ الرَّشِيدُ يَسِيرًا ثُمَّ خَرَجَ الْإِذْنُ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَجَزِعَ أَصْحَابُهُ لَهُ فَأُدْخِلَ فَأُمْهِلَ ثُمَّ خَرَجَ طَيِّبَ النَّفْسِ مَسْرُورًا قَالَ قال لي مالك لَمْ تَقُمْ مَعَ النَّاسِ قَالَ كَرِهْت أَنْ أَخْرُجَ عَنْ الطَّبَقَةِ الَّتِي جَعَلْتنِي فِيهَا إنَّك أَهَّلَتْنِي لِلْعِلْمِ فَكَرِهْت أَنْ أَخْرُجَ إلَى طَبَقَةِ الْخِدْمَةِ الَّتِي هِيَ خَارِجَةٌ مِنْهُ وَإِنَّ ابْنَ عَمِّك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمِيلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَإِنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْعُلَمَاءَ فَمَنْ قَامَ بِحَقِّ الْخِدْمَةِ وَإِعْزَازِ الْمَلِكِ فهو هبة لِلْعَدُوِّ وَمَنْ قَعَدَ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ الَّتِي عَنْكُمْ أُخِذَتْ فَهُوَ زَيْنٌ لَكُمْ قَالَ صَدَقْت يَا مُحَمَّدُ

ثُمَّ شَاوَرَنِي فَقَالَ إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ صَالَحَ بَنِي تَغْلِبَ عَلَى أَنْ لَا يَنْصُرُوا أَوْلَادَهُمْ وَقَدْ نَصَرُوا أَبْنَاءَهُمْ وَحَلَّتْ بِذَلِكَ دماءهم فَمَا تَرَى قَالَ قُلْت إنَّ عُمَرَ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ وَقَدْ نَصَرُوا أَوْلَادَهُمْ بَعْدَ عُمَرَ وَاحْتَمَلَ ذَلِكَ عُثْمَانُ وَابْنُ عَمِّك وَكَانَ مِنْ الْعِلْمِ بما لا خفا به عليك وجرت بذلك السنن فهم أصلح مِنْ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ وَلَا شَيْءَ يَلْحَقُك فِي ذَلِكَ وَقَدْ كَشَفْت لَك الْعِلْمَ وَرَأْيُك أَعْلَى قَالَ لَا وَلَكِنَّا نُجْرِيهِ عَلَى مَا أَجْرَوْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ إنَّ اللَّه جَلَّ اسْمُهُ أمر نبيه بالمشهور تمام المائة الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ لَهُ فَكَانَ يُشَاوِرُ فِي أَمْرِهِ فَيَأْتِيهِ جِبْرِيلُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَلَكِنْ عَلَيْك بِالدُّعَاءِ لِمَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَك وَمُرْ أَصْحَابَك بِذَلِكَ وَقَدْ أَمَرْت لَك بِشَيْءٍ تُفَرِّقُهُ عَلَى أَصْحَابِك قَالَ فَخَرَجَ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ فَفَرَّقَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي إقْرَارِ الْخُلَفَاءِ بَنِي تَغْلِبَ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ صَبْغِهِمْ أَوْلَادِهِمْ فِي النَّصْرَانِيَّةِ حُجَّةٌ فِي تَرْكِهِمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ وأنهم بمنزلة سائر النصارى فلا تخلوا مُصَالَحَةُ عُمَرَ إيَّاهُمْ أَنْ لَا يَصْبِغُوا أَوْلَادَهُمْ فِي النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ إمَّا أَنْ يكون مراده وأن لَا يُكْرِهُوهُمْ عَلَى الْكُفْرِ إذَا أَرَادُوا الْإِسْلَامَ وأن يُنْشِئُوهُمْ عَلَى الْكُفْرِ مِنْ صِغَرِهِمْ فَإِنْ أَرَادَ الْأَوَّلَ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُمْ مَنَعُوا أَحَدًا مِنْ أَوْلَادِهِمْ التَّابِعِينَ مِنْ الْإِسْلَامِ وَأَكْرَهُوهُمْ عَلَى الْكُفْرِ فَيَصِيرُوا بِهِ نَاقِضِينَ لِلْعَهْدِ وَخَالِعِينَ لِلذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ

<<  <  ج: ص:  >  >>