عَلَيْهِ زَكَاةُ مَالِهِ وَمَوَاشِيهِ فَمَاتَ إنَّهَا تَسْقُطُ وَلَا يَأْخُذُهَا الْإِمَامُ مِنْهُ لِأَنَّ سَبِيلَ أَخْذِهَا وَمَوْضُوعِهَا فِي الْأَصْلِ سَبِيلُ الْعِبَادَاتِ يُسْقِطُهَا الْمَوْتُ وَقَالُوا فِيمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ بِفَرْضِ الْقَاضِي فَمَاتَ أَوْ مَاتَتْ إنَّهَا تَسْقُطُ لِأَنَّ مَوْضُوعَهَا عِنْدَهُمْ مَوْضُوعُ الصِّلَةِ إذْ لَيْسَتْ بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ وَمَعْنَى الصِّلَةِ لَا يَتَأَتَّى بَعْدَ الْمَوْتِ فَأَسْقَطُوهَا لِهَذِهِ الْعِلَّةِ فَإِنْ قِيلَ الْحُدُودُ وَاجِبَةٌ عَلَى وَجْهِ الْعُقُوبَةِ وَالتَّوْبَةُ لَا تُسْقِطُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ ذِمِّيًّا أَسْلَمَ وَقَدْ زَنَى أَوْ سَرَقَ فِي حَالِ كُفْرِهِ لَمْ يَكُنْ إسْلَامُهُ وَتَوْبَتُهُ مُسْقِطَيْنِ لِحَدِّهِ وَإِنْ كَانَ وُجُوبُ الْحَدِّ فِي الْأَصْلِ عَلَى وَجْهِ الْعُقُوبَةِ وَالتَّائِبُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ عَلَى فِعْلٍ قَدْ صَحَّتْ مِنْهُ تَوْبَتُهُ قِيلَ لَهُ أَمَّا الْحَدُّ الَّذِي كَانَ وَاجِبًا عَلَى وَجْهِ الْعُقُوبَةِ فَقَدْ سَقَطَ بالتوبة وما توجبه بَعْدَهَا لَيْسَ هُوَ الْحَدُّ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى وَجْهِ العقوبة بل هو حج وَاجِبٌ عَلَى وَجْهِ الْمِحْنَةِ بِدَلَالَةٍ قَامَتْ لَنَا عَلَى وُجُوبِهِ غَيْرَ الدَّلَالَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْحَدِّ الْأَوَّلِ عَلَى وَجْهِ الْعُقُوبَةِ فَإِنْ قَامَتْ دَلَالَةٌ عَلَى وُجُوبِ أَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ لَا على وجه الجزية والعقوبة لما نَأْبَ إيجَابَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ جِزْيَةٌ لِأَنَّ اسْمَ الْجِزْيَةِ يَتَضَمَّنُ كَوْنَهَا عُقُوبَةً وَأَنْتَ فَإِنَّمَا تَزْعُمُ أَنَّهُ تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ بَعْدَ إسْلَامِهِ فَإِنْ اعْتَرَفْت بِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ غَيْرُ جِزْيَةٍ وَأَنَّ الْجِزْيَةَ الَّتِي كَانَتْ وَاجِبَةٌ قَدْ سَقَطَتْ وَإِنَّمَا يَجِبُ مَالٌ آخَرُ غَيْرَ الْجِزْيَةِ فَإِنَّمَا أَنْتَ رِجْلٌ سُمْتنَا إيجَابَ مَالٍ عَلَى مُسْلِمٍ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِي إيجَابَهُ وَهَذَا لا نسلم لك به إلَّا بِدَلَالَةٍ وَقَدْ رَوَى الْمَسْعُودِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ أَنَّ دِهْقَانًا أَسْلَمَ فَقَامَ إلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ أَمَّا أَنْتَ فَلَا جِزْيَةَ عَلَيْك وَأَمَّا أَرْضُك فَلَنَا وَفِي لَفْظٍ آخَرَ إنْ تَحَوَّلْت عَنْهَا فَنَحْنُ أَحَقُّ بِهَا وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ أَسْلَمَ رَجُلٌ فأخذ بالخراج وقيل له إنك متعود بِالْإِسْلَامِ فَقَالَ إنَّ فِي الْإِسْلَامِ لَمُعَاذًا إنْ فَعَلْت فَقَالَ عُمَرُ أَجَلْ وَاَللَّهِ إنَّ فِي الْإِسْلَامِ مُعَاذًا إنْ فَعَلَ فَرَفَعَ عَنْهُ الْجِزْيَةَ وروى حماد ابن سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَنْ شَهِدَ شَهَادَتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَاخْتَتَنَ فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ الْجِزْيَةَ فَلَمْ يُفَرِّقْ هَؤُلَاءِ السَّلَفُ بَيْنَ الْجِزْيَةِ الْوَاجِبَةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَبَيْنَ حَالِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فِي نَفْيهَا عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ وَقَدْ كَانَ آلُ مَرْوَانَ يَأْخُذُونَ الْجِزْيَةَ مِمَّنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَيَذْهَبُونَ إلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ بِمَنْزِلَةِ ضَرِيبَةِ الْعَبْدِ فَلَا يَسْقُطُ إسْلَامُ الْعَبْدِ ضَرِيبَتَهُ وَهَذَا خَلَلٌ فِي جَنْبٍ مَا ارْتَكَبُوهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَنَقْضُ الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً إلَى أَنْ وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَكَتَبَ إلَى عَامِلِهِ بِالْعِرَاقِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute