للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الزَّكَاةِ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ إذَا لَمْ يَجِدْ مُسْلِمًا أَعْطَى الذِّمِّيَّ فَقِيلَ لَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالْمَكَانِ الَّذِي هُوَ بِهِ مُسْلِمٌ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مُسْلِمٌ فَكَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى إعْطَائِهَا لِلذِّمِّيِّ الَّذِي هُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ وَالْحُجَّةُ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ

قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْت أَنْ آخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِكُمْ وَأَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِكُمْ

فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ صَدَقَةٍ أَخَذَهَا إلَى الْإِمَامِ مَقْصُورَةً على فقراء المسلمين ولا يجوز إعطاؤها للكفار وَلَمَّا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ مُسْلِمُونَ لَمْ يُعْطَ الْكُفَّارُ ثَبَتَ أَنَّ الْكُفَّارَ لاحظ لَهُمْ فِي الزَّكَاةِ إذْ لَوْ جَازَ إعْطَاؤُهَا إيَّاهُمْ بِحَالٍ لَجَازَ فِي كُلِّ حَالٍ لِوُجُودِ الفقر كسائر الفقراء الْمُسْلِمِينَ وَاخْتَلَفُوا فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ إلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ فَقَالَ أَصْحَابُنَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ جَمِيعَ زَكَاتِهِ مِسْكِينًا وَاحِدًا وَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ مِسْكِينًا وَاحِدًا وَقَالَ الْمُزَنِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَقَلُّ مَا يُعْطَى أَهْلُ السَّهْمِ مِنْ سِهَامِ الزَّكَاةِ ثَلَاثَةٌ فَإِنْ أَعْطَى اثْنَيْنِ وَهُوَ يَجِدُ الثَّالِثَ ضَمِنَ ثُلُثَ سَهْمٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قوله تعالى إنما الصدقات للفقراء اسْمٌ لِلْجِنْسِ فِي الْمَدْفُوعِ وَالْمَدْفُوعِ إلَيْهِمْ وَأَسْمَاءُ الْأَجْنَاسِ إذَا أُطْلِقَتْ فَإِنَّهَا تَتَنَاوَلُ الْمُسَمَّيَاتِ بِإِيجَابِ الْحُكْمِ فِيهَا عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ إمَّا الْكُلُّ وَإِمَّا أَدْنَاهُ وَلَا تَخْتَصُّ بِعَدَدٍ دُونَ عَدَدٍ إلَّا بِدَلَالَةٍ إذْ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْعَدَدِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْله تَعَالَى وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ وقوله الزانية والزانى وقوله وخلق الإنسان ضعيفا وَنَحْوِهَا مِنْ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ أَنَّهَا تَتَنَاوَلُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِهَا عَلَى حِيَالِهِ لَا عَلَى طَرِيقِ الْجَمْعِ وَلِذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ أَوْ اشْتَرَيْت الْعَبِيدَ أَنَّهُ عَلَى الْوَاحِدِ مِنْهُمْ وَلَوْ قَالَ إنْ شَرِبْت الْمَاءَ أَوْ أَكَلْت الطَّعَامَ كَانَ عَلَى الْجُزْءِ مِنْهَا لَا عَلَى اسْتِيعَابِ جَمِيعِ مَا تَحْتَهُ وَقَالُوا لَوْ أَرَادَ بِيَمِينِهِ اسْتِيعَابَ الْجِنْسِ كَانَ مُصَدَّقًا وَلَمْ يَحْنَثْ أَبَدًا إذْ كَانَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَحَدَ مَعْنَيَيْنِ إمَّا اسْتِيعَابُ الْجَمِيعِ أَوْ أَدْنَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مِنْهُ وَلَيْسَ لِلْجَمِيعِ حَظٌّ فِي ذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ فِيهِ وَإِذَا ثَبَتَ مَا وَصَفْنَا وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِآيَةِ الصَّدَقَاتِ اسْتِيعَابَ الْجِنْسِ كُلِّهِ حَتَّى لَا يَحْرُمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ سَقَطَ اعْتِبَارُ الْعَدَدِ فِيهِ فَبَطَلَ قَوْلُ من اعتبر ثلاثة منهم وأيضا لما يَكُنْ ذَلِكَ حَقًّا لِإِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى يُصْرَفُ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَجَبَ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ حُكْمُ الْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ فِي جَوَازِ الْإِعْطَاءِ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ اعْتِبَارُ الْعَدَدِ لَمْ يَكُنْ بَعْضُ الْأَعْدَادِ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنْ بَعْضٍ إذْ لَا يَخْتَصُّ الِاسْمُ بِعَدَدٍ دُونَ عَدَدٍ وَأَيْضًا لَمَّا وَجَبَ اعْتِبَارُ الْعَدَدِ وَقَدْ عَلِمْنَا تَعَذُّرَ اسْتِيفَائِهِ لِأَنَّهُمْ لَا يُحْصَوْنَ دل على

<<  <  ج: ص:  >  >>