وَمَا تُخْرِجُ الْأَرْضُ لَا يَجِبُ فِيهِ الْحَقُّ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَمُرُورُ الْأَحْوَالِ لَا يُوجِبُ تَكْرَارَ وُجُوبِ الْحَقِّ فِيهِ فَإِنْ قِيلَ فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ مَا يَتَكَرَّرُ وُجُوبُ الْحَقِّ فِيهِ أَوْلَى بِوُجُوبِهِ فِي قَلِيلِ مَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ وَكَثِيرِهِ مِمَّا لَا يَتَكَرَّرُ وُجُوبُ الْحَقِّ فِيهِ قِيلَ لَهُ هَذَا مُنْتَقَضٌ بِالسَّوَائِمِ لِأَنَّ الْحَقَّ يَتَكَرَّرُ وُجُوبُهُ فِيهَا وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ اعْتِبَارُ الْعَفْوِ بَعْدَ النِّصَابِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قِيَاسَهُ عَلَى السَّوَائِمِ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يُسْقِطُ الْعُشْرَ وَكَذَلِكَ مَوْتُ رَبِّ الْأَرْضِ وَيُسْقِطُ زَكَاةَ الدَّرَاهِمِ وَالسَّوَائِمِ فَكَانَ قِيَاسُهَا عَلَيْهَا أَوْلَى مِنْهُ عَلَى مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ وَاخْتُلِفَ فِيمَا زَادَ مِنْ الْبَقَرِ عَلَى أَرْبَعِينَ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَا زَادَ بِحِسَابِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ سِتِّينَ وَرَوَى أَسَدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلَ قَوْلِهِمَا وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَيُحْتَجُّ لِأَبِي حَنِيفَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى خُذْ من أموالهم صدقة وَذَلِكَ عُمُومٌ فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَالَ دَاخِلٌ فِي حُكْمِ الْآيَةِ مُرَادٌ بِهَا فَوَجَبَ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ بِحَقِّ الْعُمُومِ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي الزِّيَادَةِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسِينَ فَتَكُونَ فِيهَا مُسِنَّةً وَرُبْعَ مُسِنَّةٍ وَيَحْتَجُّ لِقَوْلِهِ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ إثْبَاتِ الْوَقَصِ تِسْعًا فَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ بِالْكَسْرِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي فُرُوضِ الصَّدَقَاتِ أو يجعل الْوَقَصِ تِسْعَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ خِلَافُ أَوْقَاصِ الْبَقَرِ فَلَمَّا بَطَلَ هَذَا وَهَذَا ثَبَتَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ وَهُوَ إيجَابُهُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ الزِّيَادَةِ وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي قِلَابَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ فِي خَمْسٍ مِنْ الْبَقَرِ شَاةٌ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ لِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى خِلَافِهِ وَوُرُودِ الْآثَارِ الصَّحِيحَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُطْلَانِهِ
وَرَوَى عَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسُ شِيَاهٍ وَقَدْ أَنْكَرَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَقَالَ عَلِيٌّ أَعْلَمُ مِنْ أَنْ يَقُولَ هَذَا هَذَا مِنْ غَلَطِ الرِّجَالِ
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْآثَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ أَنَّ فِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَخَذَ خَمْسَ شِيَاهٍ عَنْ قِيمَةِ بِنْتِ مَخَاضٍ فظن الراوي أن ذلك فرضها عنه وَاخْتُلِفَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ مِنْ الْإِبِلِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا جَمِيعًا تَسْتَقْبِلُ الْفَرِيضَةَ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ إذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَاحِدَةٌ فَالْمُصَّدِّقُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَإِنْ شَاءَ حِقَّتَيْنِ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ إذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ إلَى أن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute