للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى صَدَقَاتِ الْمَوَاشِي وَالثِّمَارِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ سَائِرَ الْأَمْوَالِ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ لِلْإِمَامِ وَإِنَّمَا تَكُونُ مخبوأة فِي الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ وَالْمَوَاضِعِ الْحَرِيزَةِ وَلَمْ يَكُنْ جائز لِلسُّعَاةِ دُخُولُ أَحْرَازِهِمْ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُكَلِّفُوهُمْ إحْضَارَهَا كَمَا لَمْ يُكَلَّفُوا إحْضَارَ الْمَوَاشِي إلَى الْعَامِلِ بَلْ كَانَ عَلَى الْعَامِلِ حُضُورُ مَوْضِعِ الْمَالِ فِي مَوَاضِعِهِ وَأَخْذِ صَدَقَتِهِ هُنَاكَ فَلِذَلِكَ لم يبعث على زكاة الْأَمْوَالِ السُّعَاةَ فَكَانُوا يَحْمِلُونَهَا إلَى الْإِمَامِ وَكَانَ قَوْلُهُمْ مَقْبُولًا فِيهَا وَلَمَّا ظَهَرَتْ هَذِهِ الْأَمْوَالُ عِنْدَ التَّصَرُّفِ بِهَا فِي الْبُلْدَانِ أَشْبَهَتْ الْمَوَاشِيَ فَنُصِبَ عَلَيْهَا عُمَّالٌ يَأْخُذُونَ مِنْهَا مَا وَجَبَ مِنْ الزَّكَاةِ وَلِذَلِكَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَأْخُذُوا مِمَّا يَمُرُّ بِهِ الْمُسْلِمُ مِنْ التِّجَارَاتِ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا نِصْفُ دِينَارٍ وَمِمَّا يَمُرُّ بِهِ الذِّمِّيُّ يُؤْخَذُ مِنْهُ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا دِينَارٌ ثم لا يؤخذ منه إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَتَبَ عُمَرُ ابن الْخَطَّابِ إلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ الْمُسْلِمِ رُبْعَ الْعُشْرِ وَمِنْ الذِّمِّيِّ نِصْفَ الْعُشْرِ وَمِنْ الْحَرْبِيِّ الْعُشْرَ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ الزَّكَاةُ الْوَاجِبَةُ تُعْتَبَرُ فِيهَا شَرَائِطُ وُجُوبِهَا مِنْ حَوْلٍ وَنِصَابٍ وَصِحَّةِ مِلْكٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الزَّكَاةُ قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ فَاحْتَذَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدَقَاتِ الْمَوَاشِي وَعُشُورِ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ إذْ قَدْ صَارَتْ أَمْوَالًا ظَاهِرَةً يُخْتَلَفُ بِهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَظُهُورِ الْمَوَاشِي السَّائِمَةِ وَالزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا خَالَفَهُ فَصَارَ إجْمَاعًا مَعَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَإِنْ قيل

روى عطاء بن السائمة عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَدِّهِ أَبِي أُمِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عُشُورٌ إنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ

وَرَوَى حُمَيْدٌ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِوَفْدِ ثَقِيفٍ لَا تُحَشَّرُوا وَلَا تُعَشَّرُوا

وَرَوَى إسْرَائِيلُ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ احْمَدُوا اللَّهَ إذْ دَفَعَ عَنْكُمْ الْعُشُورَ

وَرُوِيَ أَنَّ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ أَكَانَ عُمَرُ يُعَشِّرُ الْمُسْلِمِينَ قَالَ لَا قِيلَ لَهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِذِكْرِ هَذِهِ الْعُشُورِ الزَّكَاةَ وَإِنَّمَا هُوَ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ الْمَكْسِ وَهُوَ الَّذِي أُرِيدَ

فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن شماسة عن عقبة ابن عَامِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ يَعْنِي عَاشِرًا

وَإِيَّاهُ عَنَى الشَّاعِرُ بِقَوْلِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>