اللُّغَةِ فَمَا الدَّلَالَةُ عَلَى وُجُوبِ الِاقْتِصَارِ بِهِ عَلَى بَعْضِ الْجُمْلَةِ وَهُوَ الَّذِي يَلِيهِ دُونَ رُجُوعِهِ إلَى الْجَمِيعِ قِيلَ لَهُ لَوْ سَلَّمْنَا لَك مَا ادَّعَيْت مِنْ جَوَازِ رُجُوعِهِ إلَى الْجَمِيعِ لَكَانَ سَبِيلُهُ أَنْ يَقِفَ مَوْقِفَ الِاحْتِمَالِ في رجوعه إلى ما يليه وإلى جميع المذكور وإذ كَانَ كَذَلِكَ وَكَانَ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ عُمُومًا مُقْتَضِيًا لِلْحُكْمِ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ لَمْ يَجُزْ رَدُّ الِاسْتِثْنَاءِ إلَيْهِ بِالِاحْتِمَالِ إذْ غَيْرُ جَائِزٍ تَخْصِيصُ الْعُمُومِ بِالِاحْتِمَالِ وَوَجَبَ اسْتِعْمَالُ حُكْمِهِ فِي الْمُتَيَقَّنِ وَهُوَ مَا يَلِيهِ دُونَ مَا تَقَدَّمَهُ فَإِنْ قِيلَ مَا أَنْكَرْت أَنْ لَا يَكُونَ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ عُمُومًا مَعَ دُخُولِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى آخِرِ الْكَلَامِ بَلْ يَصِيرُ فِي حَيِّزِ الِاحْتِمَالِ وَيَبْطُلُ اعْتِبَارُ الْعُمُومِ فِيهِ إذْ لَيْسَ اعْتِبَارُ عُمُومِهِ بِأَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ عُمُومِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي عَوْدِهِ إلَى الْجَمِيعِ وَإِذَا بَطَلَ فِيهِ اعْتِبَارُ الْعُمُومِ وَقَفَ مَوْقِفَ الِاحْتِمَالِ فِي إيجَابِ حُكْمِهِ فَسَقَطَ اعْتِبَارُ عُمُومِ اللَّفْظِ فِيهِ قِيلَ لَهُ هَذَا غَلَطٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ صِيغَةَ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ صِيغَةُ الْعُمُومِ لَا تَدَافُعَ بَيْنَنَا فِيهِ وَلَيْسَ لِلِاسْتِثْنَاءِ صِيغَةُ عُمُومٍ يَقْتَضِي رَفْعَ الْجَمِيعِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الصِّيغَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْعُمُومِ مُسْتَعْمَلًا فِيهِ وَأَنْ لَا نُزِيلَهَا عَنْهُ إلَّا بِلَفْظٍ يَقْتَضِي صِيغَتُهُ رَفْعَ الْعُمُومِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَوْجُودٍ فِي لَفْظِ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنْ قِيلَ لَوْ قَالَ رَجُلٌ عَبْدُهُ حَرٌّ وَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ رَجَعَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْجَمِيعِ وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَكَانَ اسْتِثْنَاؤُهُ رَاجِعًا إلَى جَمِيعِ الْأَيْمَانِ إذْ كَانَتْ مَعْطُوفَةً بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ قِيلَ لَهُ لَيْسَ هَذَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّ هَذَا الضَّرْبَ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ مُخَالِفٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ الدَّاخِلِ عَلَى الْجُمْلَةِ بِحُرُوفِ الِاسْتِثْنَاءِ التي هي إلا وغير وسوى وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَدْخُلُ لِرَفْعِ حُكْمِ الْكَلَامِ حَتَّى لَا يَثْبُتَ مِنْهُ شَيْءٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ بِحَرْفِ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يَجُوزُ دُخُولُهُ إلَّا لِرَفْعِ حُكْمِ الْكَلَامِ رَأْسًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا طَالِقٌ كَانَ الطَّلَاقُ وَاقِعًا وَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلًا لِاسْتِحَالَةِ دُخُولِهِ لِرَفْعِ حُكْمِ الْكَلَامِ وَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ رَاجِعًا إلَى جَمِيعِ الْمَذْكُورِ الْمَعْطُوفِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَلَمْ يَجِبْ مِثْلُهُ فِيمَا وَصَفْنَا فَإِنْ قِيلَ فَلَوْ كَانَ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حَرٌّ إلَّا أَنْ يَقْدَمَ فُلَانٌ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعًا إلَى الْجَمِيعِ فَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ فُلَانٌ حَتَّى مَاتَ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ وَعَتَقَ عَبْدُهُ وَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ قِيلَ لَهُ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مَا ظَنَنْت مِنْ قِبَلِ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَقْدَمَ فُلَانٌ وَإِنْ كَانَتْ صِيغَتُهُ صِيغَةَ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute