للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا اسْتَحَقَّ مَا يَجِبُ لَهُ فَلَا يَجِبُ لَهُ الْقَوَدُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ الْعَبْدُ فِي هَذَا كَالْحُرِّ لِأَنَّ الْحُرَّ يَثْبُتُ لَهُ الْقِصَاصُ ثُمَّ مِنْ جِهَتِهِ يَنْتَقِلُ إلَى وَارِثِهِ وَلِذَلِكَ يَسْتَحِقُّونَهُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ فَمَنْ حُرِمَ مِيرَاثَهُ بِالْقَتْلِ لَمْ يَرِثْهُ الْقَوَدَ فَكَانَ الْقَوَدُ لِمَنْ يَرِثُهُ فَإِنْ قِيلَ لَيْسَ دَمُ الْعَبْدِ فِي هَذَا الْوَجْهِ كَمَالِهِ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يملك قتله ولا الإقرار عليه بالقتل فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ فِيهِ قِيلَ لَهُ إنْ كَانَ الْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ قَتْلَهُ وَلَا الْإِقْرَارَ عليه به ولكنه وليه وَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْقِصَاصِ عَلَى قَاتِلِهِ إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْ حَيْثُ كَانَ مَالِكًا لِرَقَبَتِهِ لَا مِنْ جِهَةِ الْمِيرَاثِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْقَوَدِ عَلَى قَاتِلِهِ دُونَ أَقْرِبَائِهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ الْقَوَدَ بِهِ كَمَا يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ فَإِذَا كَانَ هُوَ الْقَاتِلَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَحِقَّ الْقَوَدَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ فَاسْتَحَالَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وُجُوبُ الْقَوَدِ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ [فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ] لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خِطَابًا لِلْمَوْلَى إذَا كَانَ هُوَ الْمُعْتَدِي بِقَتْلِ عَبْدِهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُعْتَدِيًا عَلَى نَفْسِهِ بِقَتْلِ عَبْدِهِ وَإِتْلَافِ ملكه فغير جائز خطابه باستيفاء القود من نفسه وغير جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ مُخَاطَبًا بِاسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ مِنْهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَدٍ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا أَوْجَبَ الْحَقَّ لِمَنْ اُعْتُدِيَ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ يُقِيدُ الْإِمَامُ مِنْهُ كَمَا يُقِيدُ مِمَّنْ قَتَلَ رَجُلًا لَا وَارِثَ لَهُ قِيلَ لَهُ إنَّمَا يَقُومُ الْإِمَامُ بِمَا ثَبَتَ مِنْ الْقَوَدِ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانُوا مُسْتَحِقِّينَ لِمِيرَاثِهِ وَالْعَبْدُ لَا يُورَثُ فَيَثْبُتُ الْحَقُّ فِي الِاقْتِصَاصِ مِنْ قَاتِلِهِ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا جَائِزٌ أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قُتِلَ الْعَبْدُ خَطَأً كَانَ الْمَوْلَى هُوَ الْمُسْتَحِقَّ لِقِيمَتِهِ عَلَى قَاتِلِهِ دُونَ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَدُونَ الْإِمَامِ وَأَنَّ الْحُرَّ الَّذِي لَا وَارِثَ لَهُ لَوْ قُتِلَ خَطَأً كَانَتْ دِيَتُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَكَذَلِكَ الْقَوَدُ لَوْ ثَبَتَ عَلَى الْمَوْلَى لَمَا اسْتَحَقَّهُ الْإِمَامُ وَلَكَانَ الْمَوْلَى هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ وَيَسْتَحِيلُ ثُبُوتُ ذَلِكَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَبَطَلَ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رُوِيَ فِيهِ فَهُوَ مُعَارَضٌ بِضِدِّهِ وَهُوَ مَا

حَدَّثَنَا ابْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَقْبُرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ صَفْوَانَ النَّوْفَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ عَبْدَهُ مُتَعَمِّدًا فَجَلَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَفَاهُ سَنَةً وَمَحَا سَهْمَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُقِدْهُ

بِهِ فَنَفَى هَذَا الْخَبَرُ ظَاهِرَ مَا أَثْبَتَهُ خَبَرُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ مَعَ مُوَافَقَتِهِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ ظَاهِرِ الْآيِ وَمَعَانِيهَا مِنْ إيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى الْقَوَدَ لِلْمَوْلَى وَمِنْ نَفْيِهِ لِمِلْكِ الْعَبْدِ

بِقَوْلِهِ (لا يَقْدِرُ على شيء)

وَلَوْ انْفَرَدَ خَبَرُ سَمُرَةَ عَنْ مُعَارَضَةِ الْخَبَرِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ لَمَا جَازَ الْقَطْعُ بِهِ لِاحْتِمَالِهِ لِغَيْرِ ظَاهِرِهِ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>