نِسْوَةٍ سَائِرُ النِّسَاءِ مُحَرَّمَاتٌ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَبِيحَ النَّظَرَ إلَى شُعُورِهِنَّ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ تَحْرِيمُهَا عَلَى عَبْدِهَا فِي الْحَالِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا كَانَ الْعَبْدُ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْأَجْنَبِيِّينَ وَأَيْضًا
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن يسافر سَفَرًا فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ
وَالْعَبْدُ لَيْسَ بِذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ أن تسافر بِهَا وَإِذَا لَمْ يَجُزْ لَهُ السَّفَرُ بِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ النَّظَرُ إلَى شَعْرِهَا كَالْحُرِّ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ قِيلَ هَذَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ فَائِدَةِ ذِكْرِ مِلْكِ الْيَمِينِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ قِيلَ لَهُ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ النساء في الآية بقوله أَوْ نِسائِهِنَّ وَأَرَادَ بِهِنَّ الْحَرَائِرَ الْمُسْلِمَاتِ فَجَازَ أَنْ يُظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ الْإِمَاءَ لَا يَجُوزُ لَهُنَّ النَّظَرُ إلَى شَعْرِ مَوْلَاتِهِنَّ وَإِلَى مَا يَجُوزُ لِلْحُرَّةِ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْهَا فَأَبَانَ تَعَالَى أَنَّ الْأَمَةَ وَالْحُرَّةَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَإِنَّمَا خَصَّ نِسَاءَهُنَّ بِالذِّكْرِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِأَنَّ جَمِيعَ مَنْ ذُكِرَ قَبْلَهُنَّ هُمْ الرِّجَالُ بِقَوْلِهِ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ فَكَانَ جَائِزًا أَنْ يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّ الرِّجَالَ مَخْصُوصُونَ بِذَلِكَ إذَا كَانُوا ذَوِي مَحَارِمَ فَأَبَانَ تَعَالَى إبَاحَةَ النَّظَرِ إلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مِنْ نِسَائِهِنَّ سَوَاءٌ كُنَّ ذَوَاتَ مَحَارِمَ أَوْ غَيْرَ ذَوَاتِ مَحَارِمَ ثُمَّ عَطَفَ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَاءَ بِقَوْلِهِ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ لِئَلَّا يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّ الْإِبَاحَةَ مَقْصُورَةٌ عَلَى الْحَرَائِرِ مِنْ النِّسَاءِ إذْ كَانَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ نِسائِهِنَّ يَقْتَضِي الْحَرَائِرَ دُونَ الْإِمَاءِ كَمَا كَانَ قَوْلُهُ وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ عَلَى الْحَرَائِرِ دُونَ الْمَمَالِيكِ وَقَوْلُهُ شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ الْأَحْرَارُ لِإِضَافَتِهِمْ إلَيْنَا كَذَلِكَ قَوْلُهُ أَوْ نِسائِهِنَّ عَلَى الْحَرَائِرِ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِنَّ الْإِمَاءَ فَأَبَاحَ لَهُنَّ مِثْلَ مَا أَبَاحَ فِي الْحَرَائِرِ وقَوْله تَعَالَى أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ وَمُجَاهِدٍ قَالُوا الَّذِي يَتْبَعُك لِيُصِيبَ مِنْ طَعَامِك وَلَا حَاجَةَ لَهُ فِي النِّسَاءِ وَقَالَ عِكْرِمَةُ هُوَ الْعِنِّينُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَطَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ هُوَ الْأَبْلَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ الْأَحْمَقُ الَّذِي لَا أَرَبَ لَهُ فِي النِّسَاءِ
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخَنَّثٌ فَكَانُوا يُعِدُّونَهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ قَالَتْ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ يَنْعَتُ امْرَأَةً فَقَالَ لَا أَرَى هذا يعلم ما هاهنا لا يدخلن عليكن فحجبوه
وروى هشام ابن عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا مُخَنَّثٌ فَأَقْبَلَ عَلَى أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَوْ فَتَحَ اللَّهُ لَكُمْ غَدًا الطَّائِفَ دَلَلْتُك عَلَى بِنْتِ غَيْلَانَ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute