للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّينِ وَلَوْ أَرَادَ الْمَالَ لَقَالَ إنْ عَلِمْتُمْ لَهُمْ خَيْرًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ لِفُلَانٍ مَالٌ وَلَا يُقَالُ فِيهِ مَالٌ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا مَالَ لَهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَأَوَّلَ عَلَيْهِ وَمَا رُوِيَ عَنْ عُبَيْدَةَ إذَا صَلَّى فَلَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ جَائِزٌ مُكَاتَبَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ بِالْآيَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ صَلَاةٌ وقَوْله تَعَالَى وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُكَاتَبِ هَلْ يَسْتَحِقُّ عَلَى مَوْلَاهُ أَنْ يَضَعَ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ كِتَابَتِهِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ وَمُحَمَّدٌ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ إنْ وَضَعَ عَنْهُ شَيْئًا فَهُوَ حَسَنٌ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ عَلَى الْوُجُوبِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ فِي قَوْلِهِ وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ قال كان يعجبهم أن تدعو لَهُ طَائِفَةً مِنْ مُكَاتَبَتِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ ظَاهِرُ قَوْلِهِ كَانَ يُعْجِبُهُمْ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الصَّحَابَةَ وَكَذَلِكَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ كَانُوا يَكْرَهُونَ وَكَانُوا يَقُولُونَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ التَّابِعِيِّ إذَا قَالَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الصَّحَابَةَ فَقَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ الصَّحَابَةِ عَلَى النَّدْبِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي الْإِيجَابِ كَانَ يُعْجِبُهُمْ وَرَوَى يُونُسُ عَنْ الْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ وَآتُوهُمْ من مال الله الذي آتاكم قَالَ حَثَّ عَلَيْهِ مَوْلَاهُ وَغَيْرَهُ وَرَوَى مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ غُلَامِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ كَاتَبَنِي عُثْمَانُ وَلَمْ يَحُطَّ عَنِّي شَيْئًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ مَا ذَكَرَهُ فِي آيَةِ الصَّدَقَاتِ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الرِّقابِ

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِّمْنِي عَمَلًا يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ قَالَ أَعْتِقْ النَّسَمَةَ وَفُكَّ الرَّقَبَةَ قَالَ أَلَيْسَا وَاحِدًا قَالَ عِتْقُ النَّسَمَةِ أَنْ تَنْفَرِدَ بِعِتْقِهَا وَفَكُّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعِينَ فِي ثَمَنِهَا

وَهَذَا يدل على أن قوله وَفِي الرِّقابِ قَدْ اقْتَضَى إعْطَاءَ الْمُكَاتَبِ فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ قوله وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ دَفْعَ الصَّدَقَاتِ الْوَاجِبَاتِ وَأَفَادَ بِذَلِكَ جَوَازَ دَفْعِ الصَّدَقَةِ إلَى الْمُكَاتَبِ وَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ غَنِيًّا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ أُمِرَ بِإِعْطَائِهِ مِنْ مَالِ اللَّهِ وَمَا أُطْلِقَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْإِضَافَةُ فَهُوَ مَا كَانَ سَبِيلُهُ الصَّدَقَةَ وَصَرْفَهُ فِي وُجُوهِ الْقُرْبِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مَالًا هُوَ مِلْكٌ لِمَنْ أَمَرَ بِإِيتَائِهِ وَأَنَّ سَبِيلَهُ الصَّدَقَةُ وَذَلِكَ الصَّدَقَاتُ الْوَاجِبَةُ فِي الْأَمْوَالِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ وَهُوَ الَّذِي قَدْ صَحَّ مِلْكُهُ لِلْمَالِكِ وَأُمِرَ بِإِخْرَاجِ بَعْضِهِ وَمَالُ الْكِتَابَةِ لَيْسَ بِدَيْنٍ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ عَلَى عَبْدِهِ وَالْمَوْلَى لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ صَحِيحٌ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يُوجِبُ حَطَّ بَعْضِ الْكِتَابَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ بَعْدَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَذَلِكَ خِلَافُ مُوجِبِ الْآيَةِ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ إذَا سَقَطَ لَمْ يُحَصِّلْ مَالًا لِلَّهِ قَدْ آتَاهُ الْمَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>