أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْ الْخَمْسَ عَشْرَةَ جَائِزَةٌ كَالنُّقْصَانِ عَنْهُ فَجَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ الزِّيَادَةَ عَلَى الْمُعْتَادِ كَالنُّقْصَانِ عَنْهُ وَهِيَ ثَلَاثُ سِنِينَ كَمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَعَلَ الْمُعْتَادَ مِنْ حَيْضِ النِّسَاءِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا
بِقَوْلِهِ لحمنة بِنْتَ جَحْشٍ تَحِيضِينَ فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ فِي كُلِّ شَهْرٍ
اقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْعَادَةُ سِتًّا وَنِصْفًا لِأَنَّهُ جَعَلَ السَّابِعَ مَشْكُوكًا فِيهِ بِقَوْلِهِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا ثُمَّ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَنَا أَنَّ النُّقْصَانَ عَنْ الْمُعْتَادِ ثَلَاثٌ وَنِصْفٌ لِأَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ عِنْدَنَا ثَلَاثٌ وَأَكْثَرَهُ عَشْرَةٌ فَكَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُعْتَادِ بِإِزَاءِ النُّقْصَانِ مِنْهُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ اعْتِبَارُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمُعْتَادِ فِيمَا وَصَفْنَا وَقَدْ حُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً لِلْغُلَامِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى اسْتِكْمَالِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ والدخول في التاسع عشرة واختلف في الإنبات هَلْ يَكُونُ بُلُوغًا فَلَمْ يَجْعَلْهُ أَصْحَابُنَا بُلُوغًا وَالشَّافِعِيُّ يَجْعَلُهُ بُلُوغًا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ينفى أن يكون الإنبات بُلُوغًا إذَا لَمْ يَحْتَلِمْ كَمَا نَفَى كَوْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ بُلُوغًا وَكَذَلِكَ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ
وَهَذَا خَبَرٌ مَنْقُولٌ مِنْ طَرِيقِ الِاسْتِفَاضَةِ قَدْ اسْتَعْمَلَهُ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ فِي رَفْعِ حُكْمِ الْقَلَمِ عَنْ الْمَجْنُونِ وَالنَّائِمِ وَالصَّبِيِّ وَاحْتَجَّ مَنْ جَعَلَهُ بُلُوغًا
بِحَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ مَنْ أَنْبَتَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ وَاسْتَحْيَا مَنْ لَمْ يُنْبِتْ قَالَ فَنَظَرُوا إلَيَّ فَلَمْ أَكُنْ أَنْبَتُّ فَاسْتَبْقَانِي
وَهَذَا حَدِيثٌ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الشَّرْعِ بِمِثْلِهِ إذْ كَانَ عَطِيَّةُ هَذَا مَجْهُولًا لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ هَذَا الْخَبَرِ لَا سِيَّمَا مَعَ اعْتِرَاضِهِ عَلَى الْآيَةِ وَالْخَبَرِ فِي نَفْيِ الْبُلُوغِ إلَّا بِالِاحْتِلَامِ وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مُخْتَلِفُ الْأَلْفَاظِ فَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ أَمَرَ بِقَتْلِ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِيُ وَفِي بعضها من اخضر أزره ومعلوم أن لَا يَبْلُغُ هَذِهِ الْحَالَ إلَّا وَقَدْ تَقَدَّمَ بُلُوغِهِ وَلَا يَكُونُ قَدْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِيُ إلا وهو رجل كبير فجعل الإنبات وَجَرْيَ الْمَوَاسِيِ عَلَيْهِ كِنَايَةً عَنْ بُلُوغِ الْقَدْرِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي السِّنِّ وَهِيَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَأَكْثَرُ وَرُوِيَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَأَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ أَنَّهُمَا قَسَمَا فِي الْغَنِيمَةِ لِمَنْ نبت وَهَذَا لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُمَا رَأَيَا الْإِنْبَاتَ بُلُوغًا لِأَنَّ الْقِسْمَةَ جَائِزَةٌ لِلصِّبْيَانِ عَلَى وَجْهِ الرَّضْخِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ قَوْمٍ مِنْ السلف شيء في اعتبار طول الإنسان ولم يَأْخُذْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أَتَى أَبُو بَكْرٍ بِغُلَامٍ قَدْ سَرَقَ فَأَمَرَهُ فَشُبِرَ فَنَقَصَ أُنْمُلَةً فَخَلَّى عَنْهُ
وَرَوَى قَتَادَةَ عَنْ خِلَاسٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ إذَا بَلَغَ الْغُلَامُ خَمْسَةَ أَشْبَارٍ فَقَدْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْحُدُودُ وَيُقْتَصُّ لَهُ وَيُقْتَصُّ مِنْهُ وَإِذَا اسْتَعَانَهُ رِجْلٌ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ لَمْ يَبْلُغْ خَمْسَةَ أَشْبَارٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute