للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّ الطَّعَامَ مِنْ أَفْضَلِ أَمْوَالِنَا وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْكُلَ عِنْدَ أَحَدٍ فَكَفَّ النَّاسَ عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ الْآيَةَ فَهَذَا أَحَدُ التَّأْوِيلَاتِ وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ كَانَ رِجَالٌ زَمْنَى وَعُمْيَانٌ وَعُرْجَانٌ وَأُولُو حَاجَةٍ يَسْتَتْبِعُهُمْ رِجَالٌ إلَى بُيُوتِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدُوا لَهُمْ طَعَامًا ذَهَبُوا بِهِمْ إلَى بُيُوتِ آبَائِهِمْ وَمَنْ مَعَهُمْ فَكَرِهَ الْمُسْتَتْبِعُونَ ذَلِكَ فَنَزَلَتْ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ الْآيَةَ وَأُحِلَّ لَهُمْ الطَّعَامُ حَيْثُ وَجَدُوهُ مِنْ ذلك فهذا تأويل ثان وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بن محمد بن اليمان قال حدثنا أبو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ قُلْت لِلزُّهْرِيِّ مَا بال الأعمى والأعرج والمريض ذكروا هاهنا فَقَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا إذَا غَزَوْا خلفوا زمناهم في بيوتهم ودفعوا إلَيْهِمْ الْمَفَاتِيحَ وَقَالُوا قَدْ أَحْلَلْنَا لَكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْهَا فَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنْ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ لَا نَدْخُلُهَا وَهُمْ غُيَّبٌ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ رُخْصَةً لَهُمْ فَهَذَا تَأْوِيلٌ ثَالِثٌ وَرُوِيَ فِيهِ تَأْوِيلٌ رَابِعٌ وَهُوَ مَا رَوَى سُفْيَانُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مِقْسَمٍ قَالَ كَانُوا يَمْتَنِعُونَ أَنْ يَأْكُلُوا مَعَ الْأَعْمَى وَالْمَرِيضِ وَالْأَعْرَجِ لِأَنَّهُ لَا يَنَالُ مَا يَنَالُ الصَّحِيحُ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذَا التَّأْوِيلَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ حَرَجٌ فِي مُؤَاكَلَةِ الْأَعْمَى وَإِنَّمَا أَزَالَ الْحَرَجَ عَنْ الْأَعْمَى وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ فِي الْأَكْلِ فَهَذَا فِي الْأَعْمَى إذَا أَكَلَ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ عَلَى أَحَدِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ السَّلَفِ وَإِنْ كَانَ تَأْوِيلُ مِقْسَمٍ مُحْتَمَلًا عَلَى بُعْدٍ في الكلام وتأويل ابن عباس ظاهره لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا تِجَارَةً وَامْتَنَعُوا مِنْ الْأَكْلِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ إبَاحَةَ ذَلِكَ وَأَمَّا تَأْوِيلُ مُجَاهِدٍ فَهُوَ سَائِغٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَدْ كَانَتْ الْعَادَةُ عِنْدَهُمْ بَذْلَ الطَّعَامِ لِأَقْرِبَائِهِمْ وَمَنْ مَعَهُمْ فَكَانَ جَرَيَانُ الْعَادَةِ بِهِ كَالنُّطْقِ بِهِ فَأَبَاحَ اللَّهُ لِلْأَعْمَى وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ إذَا اسْتَتْبَعُوا أَنْ يَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِ مَنْ اتَّبَعُوهُمْ وَبُيُوتِ آبَائِهِمْ وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ كَانَ بِهِ ضَرُورَةٌ إلَى الطَّعَامِ وَقَدْ كَانَتْ الضِّيَافَةُ وَاجِبَةً فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لِأَمْثَالِهِمْ فَكَانَ ذَلِكَ القدر مستحقا من ما لهم لِهَؤُلَاءِ فَلِذَلِكَ أُبِيحَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهُ مقدار الحاجة بغير إن وَقَالَ قَتَادَةُ إنْ أَكَلْت مِنْ بَيْتِ صَدِيقِك بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا بَأْسَ لِقَوْلِهِ أَوْ صَدِيقِكُمْ وَرُوِيَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا دَخَلَ عَلَى الْحَسَنِ فَرَأَى سُفْرَةً مُعَلَّقَةً فَأَخَذَهَا وَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهَا فَبَكَى

<<  <  ج: ص:  >  >>