للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحُكْمُ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمْلُهُ عَلَى مُقْتَضَاهُ فِي الْفَائِدَةِ وَغَيْرُ جَائِزٍ إلْغَاؤُهُ وَلَا إسْقَاطُ حُكْمِهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ

قَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ

وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَهْدَ وَهَذَا اللَّفْظُ يَنْفِي قَتْلَ الْمُؤْمِنِ بِسَائِرِ الْكُفَّارِ قِيلَ هُوَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ قَدْ عَزَاهُ أَبُو جُحَيْفَةَ أَيْضًا إلَى الصَّحِيفَةِ وَكَذَلِكَ قَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ وَإِنَّمَا حَذَفَ بَعْضُ الرُّوَاةِ ذِكْرَ الْعَهْدِ فَأَمَّا أَصْلُ الْحَدِيثِ فَوَاحِدٌ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْخَبَرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ لَكَانَ الْوَاجِبُ حَمْلَهُمَا عَلَى أَنَّهُمَا وَرَدَا مَعًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ فِي وَقْتَيْنِ مَرَّةً مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ ذِي الْعَهْدِ وَتَارَةً مَعَ ذِكْرِ ذِي الْعَهْدِ وَأَيْضًا فَقَدْ وَافَقْنَا الشَّافِعِيَّ عَلَى أَنَّ ذِمِّيًّا لَوْ قَتَلَ ذِمِّيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْقَوَدُ فَلَوْ كَانَ الْإِسْلَامُ مَانِعًا مِنْ الْقِصَاصِ ابْتِدَاءً لَمَنَعَهُ إذَا طُرِئَ بَعْدَ وُجُوبِهِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصِ لِلِابْنِ عَلَى الْأَبِ إذَا قَتَلَهُ كَانَ ذَلِكَ حُكْمَهُ إذَا وَرِثَ ابْنُهُ الْقَوَدَ مِنْ غَيْرِهِ فَمَنَعَ مَا عَرَضَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ اسْتِيفَائِهِ كَمَا مَنَعَ ابْتِدَاءَ وُجُوبِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ مُرْتَدًّا لَمْ يَجِبْ الْقَوَدُ وَلَوْ جَرَحَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْجِرَاحَةِ سَقَطَ الْقَوَدُ فَاسْتَوَى فِيهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَالْبَقَاءِ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ الْقَتْلُ بَدِيًّا لَمَا وَجَبَ إذَا أَسْلَمَ بَعْدَ الْقَتْلِ وَأَيْضًا لَمَّا كَانَ الْمَعْنَى فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ مَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بَقَاءِ حَيَاةِ النَّاسِ بقوله [وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ] وَكَانَ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودًا فِي الذِّمِّيِّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَرَادَ بَقَاءَهُ حِينَ حَقَنَ دَمَهُ بِالذِّمَّةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِ كَمَا يُوجِبُهُ فِي قَتْلِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا فَإِنْ قِيلَ يَلْزَمُكَ عَلَى هَذَا قَتْلُ الْمُسْلِمِ بِالْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ لِأَنَّهُ مَحْظُورُ الدَّمِ قِيلَ لَهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مُبَاحٌ الدَّمِ إبَاحَةً مُؤَجَّلَةً أَلَا تَرَى أَنَّا لَا نَتْرُكُهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَنُلْحِقُهُ بِمَأْمَنِهِ وَالتَّأْجِيلُ لَا يُزِيلُ عَنْهُ حُكْمَ الْإِبَاحَةِ كَالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ لَا يُخْرِجُهُ التَّأْجِيلُ عَنْ وُجُوبِهِ وَاحْتَجَّ أيضا من منع القصاص

بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ

قالوا وهذا يمنع كون دم الكافر مكافيا لِدَمِ الْمُسْلِمِ وَهَذَا لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى مَا قَالُوا لِأَنَّ

قَوْلَهُ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ

لَا يَنْفِي مُكَافَأَةَ دِمَاءَ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَفَائِدَتُهُ ظَاهِرَةٌ وَهِيَ إيجَابُ التَّكَافُؤِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ وَالصَّحِيحِ وَالسَّقِيمِ فَهَذِهِ كُلُّهَا فَوَائِدُ هَذَا الْخَبَرِ وَأَحْكَامُهُ وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَيْضًا إيجَابُ الْقَوَدِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَتَكَافُؤُ دِمَائِهِمَا وَنَفْيٌ لِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ إذَا قَتَلُوا الْقَاتِلَ أَوْ إعْطَاءِ نِصْفِ الدِّيَةِ مِنْ مَالِ الْمَرْأَةِ مَعَ قَتْلِهَا إذَا كَانَتْ هِيَ الْقَاتِلَةَ فإذا كان

قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>