للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْفُسِكُمْ

يَعْنِي يُسَلِّمُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ وَاللَّمْزُ الْعَيْبُ يُقَالُ لَمَزَهُ إذَا عَابَهُ وَطَعَنَ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ قَالَ زِيَادٌ الْأَعْجَمُ:

إذَا لَقِيتُك تُبْدِي لِي مكاشرة ... وإن تغيبت الْهَامِزَ اللمزه

مَا كُنْتُ أَخْشَى وَإِنْ كَانَ الزمان به ... حيف على الناس أن يغتا بنى عَنَزَهْ

وَإِنَّمَا نَهَى بِذَلِكَ عَنْ عَيْبِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ وَلَيْسَ بِمَعِيبٍ فَإِنَّ مَنْ كَانَ مَعِيبًا فَاجِرًا فَعَيْبُهُ بِمَا فِيهِ جَائِزٌ وَرُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ الْحُجَّاجُ قَالَ الْحَسَنُ اللَّهُمَّ أَنْتَ أَمَتَّهُ فَاقْطَعْ عَنَّا سُنَّتَهُ فَإِنَّهُ أَتَانَا أُخَيْفِشُ أُعَيْمِشُ يَمُدُّ بِيَدٍ قَصِيرَةِ الْبَنَانِ وَاَللَّهِ مَا عَرَقِ فِيهَا عِنَانٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يرحل جَمَّتَهُ وَيَخْطُرُ فِي مِشْيَتِهِ وَيَصْعَدُ الْمِنْبَرَ فَيَهْذِرُ حَتَّى تَفُوتَهُ الصَّلَاةُ لَا مِنْ اللَّهِ يَتَّقِي وَلَا مِنْ النَّاسِ يَسْتَحِيُ فَوْقَهُ اللَّهُ وَتَحْتَهُ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ لَا يَقُولُ لَهُ لا قَائِلٌ الصَّلَاةَ أَيُّهَا الرَّجُلُ ثُمَّ قَالَ الْحَسَنُ هَيْهَاتَ وَاَللَّهُ حَالٌ دُونَ ذَلِكَ السَّيْفِ وَالسَّوْطِ وقوله تعالى وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ

رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلِمَةَ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رِجْلٍ مُنَازَعَةٌ فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَرٍّ يَا ابْنَ الْيَهُودِيَّةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا ترى ما هاهنا ما شَيْءٍ أَحْمَرَ وَلَا أَسْوَدَ وَمَا أَنْتَ أَفْضَلُ مِنْهُ إلَّا بِالتَّقْوَى قَالَ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ

وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْله تَعَالَى وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ قَالَ لَا تَقُلْ لِأَخِيك الْمُسْلِمِ يَا فَاسِقٌ يَا مُنَافِقٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ كَانَ الْيَهُودِيُّ والنصراني يسلم فقال لَهُ يَا يَهُودِيُّ يَا نَصْرَانِيُّ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ دَاوُد عَنْ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو جَبِيرَةَ بْنُ الضَّحَّاكِ قَالَ فِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي بَنِي سَلِمَةَ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ مِنَّا رِجْلٌ إلَّا وَلَهُ اسْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَا فُلَانٌ فَيَقُولُونَ مَهْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ يَغْضَبُ مِنْ هَذَا الِاسْمِ فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّقَبَ الْمَكْرُوهَ هُوَ ما يكرهه صاحبه ويفيد ما لِلْمَوْصُوفِ بِهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ السِّبَابِ وَالشَّتِيمَةِ فَأَمَّا الْأَسْمَاءُ وَالْأَوْصَافُ الْجَارِيَةُ غَيْرَ هَذَا الْمَجْرَى فَغَيْرُ مَكْرُوهَةٍ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا النَّهْيُ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ أَسْمَاءِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَسْمَاءِ الْمُشْتَقَّةِ مِنْ أَفْعَالٍ

وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بن خيثم عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بن خيثم المحاربي عن

<<  <  ج: ص:  >  >>