للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَعْنَى إذَا أَرَدْتُمْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ ثَبَتَ بِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ الظِّهَارَ لَا يُوجِبُ كَفَّارَةً وَإِنَّمَا يُوجِبُ تَحْرِيمَ الْوَطْءِ وَلَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ فَإِذَا لَمْ يُرِدْ وَطْأَهَا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ عَاشَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذْ كَانَ حُكْمُ الظِّهَارِ إيجَابَ التَّحْرِيمِ فَقَطْ مُوَقَّتًا بِأَدَاءِ الْكَفَّارَةِ وَأَنَّهُ مَتَى لَمْ يُكَفِّرْ فَالْوَطْءُ مَحْظُورٌ عَلَيْهِ فَإِنْ وَطِئَ سَقَطَ الظِّهَارُ وَالْكَفَّارَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَّقَ حُكْمَ الظِّهَارِ وَمَا أَوْجَبَ بِهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ بِأَدَائِهَا قَبْلَ الْوَطْءِ لِقَوْلِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَتَى وَقَعَ الْمَسِيسُ فَقَدْ فَاتَ الشَّرْطُ فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْآيَةِ لِأَنَّ كُلَّ فَرْضٍ مَحْصُورٍ بِوَقْتٍ أَوْ مُعَلَّقٍ عَلَى شَرْطٍ فَإِنَّهُ مَتَى فَاتَ الْوَقْتُ وَعَدِمَ الشَّرْطُ لَمْ يَجِبْ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَاحْتِيجَ إلَى دَلَالَةٍ أُخْرَى فِي إيجَابِ مِثْلِهِ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي فَهَذَا حُكْمُ الظِّهَارِ إذَا وَقَعَ الْمَسِيسُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ إلَّا أَنَّهُ

قَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَوَطِئَهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ ثُمَّ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ اسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَلَا تَعُدْ

حَتَّى تُكَفِّرَ فَصَارَ التَّحْرِيمُ الَّذِي بَعْدَ الْوَطْءِ وَاجِبًا بِالسُّنَّةِ وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيمَنْ وطأ مَا الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ بَعْدَهُ فَقَالَ الْحَسَنُ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَإِبْرَاهِيمُ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ وَابْنِ سِيرِينَ فِي آخَرِينَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ قَالَ

وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ظَاهَرْت مِنْ امْرَأَتِي فَجَامَعْتهَا قَبْلَ أَنْ أُكَفِّرَ فَقَالَ اسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَلَا تَعُدْ حَتَّى تُكَفِّرَ

فَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَيْنِ بَعْدَ الْوَطْءِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَوْقِيتِ الظِّهَارِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ إذَا قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي الْيَوْمَ بَطَلَ الظِّهَارُ بِمُضِيِّ الْيَوْمِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَمَالِكٌ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ هُوَ مُظَاهِرٌ أَبَدًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ تَحْرِيمُ الظِّهَارِ لَا يَقَعُ إلَّا مُوَقَّتًا بِأَدَاءِ الْكَفَّارَةِ فَإِذَا وَقَّتَهُ الْمُظَاهِرُ وَجَبَ تَوْقِيتُهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِمَّا لَا يتوقت لَمَا انْحَلَّ ذَلِكَ التَّحْرِيمُ بِالتَّكْفِيرِ كَالطَّلَاقِ فَأَشْبَهَ الظِّهَارُ الْيَمِينَ الَّتِي يُحِلُّهَا الْحِنْثُ فَوَجَبَ تَوْقِيتُهُ كَمَا يتوقت الْيَمِينُ وَلَيْسَ كَالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لَا يُحِلُّهُ شَيْءٌ فَإِنْ قِيلَ تَحْرِيمُ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ يَقَعُ مؤقتا بِالزَّوْجِ الثَّانِي وَلَا يتوقت بِتَوْقِيتِ الزَّوْجِ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ قِيلَ لَهُ إنَّ الطَّلَاقَ لَا يتوقت بِالزَّوْجِ الثَّانِي وَإِنَّمَا يَسْتَفِيدُ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ بِالزَّوْجِ الثَّانِي إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ مُسْتَقْبَلَاتٍ وَالثَّلَاثُ الْأُوَلُ وَاقِعَةٌ عَلَى مَا كَانَتْ وَإِنَّمَا اسْتَفَادَ طَلَاقًا غَيْرَهَا فَلَيْسَ فِي الطَّلَاقِ تَوْقِيتٌ بِحَالٍ وَالظِّهَارُ مُوَقَّتٌ لَا مَحَالَةَ بِالتَّكْفِيرِ فَجَازَ تَوْقِيتُهُ بِالشَّرْطِ وَاخْتَلَفُوا فِي الظِّهَارِ هَلْ يَدْخُلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>