للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبُيُوتُ الَّتِي كَانَتْ تَسْكُنُهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ فَأَمَرَ بِتَبْقِيَتِهَا فِي بَيْتِهَا وَنَسَبِهَا إلَيْهَا بِالسُّكْنَى كَمَا قال وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَإِنَّمَا الْبُيُوتُ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِهَذِهِ الْآيَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا حَتَّى يُشْهِدَ عَلَى رَجْعَتِهَا وَمَنَعُوهَا مِنْ السَّفَرِ فِي الْعِدَّةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَا خِلَافَ نَعْلَمُهُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ عَلَى الزَّوْجِ إسْكَانَهَا وَنَفَقَتَهَا فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ إخْرَاجُهَا مِنْ بَيْتِهَا وقَوْله تَعَالَى إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ خُرُوجُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَاحِشَةٌ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إلَّا أن تبذوا عَلَى أَهْلِهِ فَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يُخْرِجُوهَا وَقَالَ الضَّحَّاكُ الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ عِصْيَانُ الزَّوْجِ وَقَالَ الْحَسَنُ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَنْ تَزْنِيَ فَتُخْرَجَ لِلْحَدِّ وَقَالَ قَتَادَةُ إلَّا أَنْ تَنْشُزَ فَإِذَا فَعَلَتْ حَلَّ إخْرَاجُهَا قَالَ أَبُو بكر هذه المعاني كلها يحتملها اللفظ وجائز أَنْ يَكُونَ جَمِيعُهَا مُرَادًا فَيَكُونَ خُرُوجُهَا فَاحِشَةً وَإِذَا زَنَتْ أُخْرِجَتْ لِلْحَدِّ وَإِذَا بَذَتْ عَلَى أَهْلِهِ أُخْرِجَتْ أَيْضًا

وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ بِالِانْتِقَالِ حِينَ بَذَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا

فَأَمَّا عِصْيَانُ الزَّوْجِ وَالنُّشُوزُ فَإِنْ كَانَ فِي الْبَذَاءِ وَسُوءِ الْخُلُقِ اللَّذَيْنِ يَتَعَذَّرُ الْمَقَامُ مَعَهَا فِيهِ فَجَائِزٌ أَنْ يكون مراد وَإِنْ كَانَتْ إنَّمَا عَصَتْ زَوْجَهَا فِي شَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعُذْرٍ فِي إخْرَاجِهَا وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّأْوِيلِ الْمُرَادِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ انْتِقَالِهَا لِلْعُذْرِ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَدْ أَبَاحَ لَهَا الْخُرُوجَ لِلْأَعْذَارِ الَّتِي وَصَفْنَا قَوْله تَعَالَى وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا طَلَّقَ لِغَيْرِ السُّنَّةِ وَقَعَ طَلَاقُهُ وَكَانَ ظَالِمًا لِنَفْسِهِ بِتَعَدِّيهِ حُدُودَ اللَّهِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ عَقِيبَ طَلَاقِ الْعِدَّةِ فَأَبَانَ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ لِغَيْرِ الْعِدَّةِ فَطَلَاقُهُ وَاقِعٌ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ لَمْ يَكُنْ ظَالِمًا لِنَفْسِهِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ وُقُوعَ طَلَاقِهِ مَعَ ظُلْمِهِ لِنَفْسِهِ قَوْله تَعَالَى عَقِيبَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً يَعْنِي أَنْ يَحْدُثَ لَهُ نَدَمٌ فَلَا يَنْفَعُهُ لِأَنَّهُ قَدْ طَلَّقَ ثَلَاثًا وَهُوَ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي أَنَّ إيقَاعَ الثَّلَاثِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ السُّنَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ ظَالِمًا لِنَفْسِهِ حِينَ طَلَّقَ ثَلَاثًا وَتَرَكَ اعْتِبَارَ مَا عَسَى أَنْ يَلْحَقَهُ مِنْ النَّدَمِ بِإِبَانَتِهَا وَحَكَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ بِطَلَاقِهِ إيَّاهَا فِي الْحَيْضِ وَأَمَرَهُ بِمُرَاجَعَتِهَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْأَوَّلَ كَانَ خَطَأً فَأَمَرَهُ بِالرَّجْعَةِ لِيَقْطَعَ أَسْبَابَ الْخَطَإِ وَيَبْتَدِئَهُ عَلَى السُّنَّةِ وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي حَالِ الْحَيْضِ لَا يَقَعُ وَقَدْ بَيَّنَّا بُطْلَانَ هَذَا الْقَوْلِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ جِهَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ

وَسُؤَالُ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ لِابْنِ عُمَرَ عَنْ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ وَذِكْرُهُ لِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهُ بِالْمُرَاجَعَةِ قَالَ قُلْت فَيَعْتَدُّ بِهَا قَالَ فَمَهْ أَرَأَيْت إن عجز

<<  <  ج: ص:  >  >>