فِي بَيْتِ الزَّوْجِ وَمَتَى عَادَتْ إلَى بَيْتِهِ اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ فَثَبَتَ أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي تَسْتَحِقُّ بِهِ النَّفَقَةَ هُوَ تَسْلِيمُ نَفْسِهَا فِي بَيْتِ الزَّوْجِ فَلَمَّا اتَّفَقْنَا وَمَنْ أَوْجَبَ السُّكْنَى عَلَى وُجُوبِ السُّكْنَى وَصَارَتْ بِهَا مُسَلِّمَةً لِنَفْسِهَا
فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَجَبَ أَنْ تَسْتَحِقَّ النَّفَقَةَ وَأَيْضًا لَمَّا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الرَّجْعِيَّةَ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ فِي الْعِدَّةِ وَجَبَ أَنْ تَسْتَحِقَّهَا الْمَبْتُوتَةُ وَالْمَعْنَى فِيهَا أَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْ طَلَاقٍ وَإِنْ شِئْت قُلْت إنَّهَا مَحْبُوسَةٌ عَلَيْهِ بِحُكْمِ عَقْدٍ صَحِيحٍ وَإِنْ شِئْت قُلْت إنَّهَا مُسْتَحِقَّةٌ لِلسُّكْنَى فَأَيُّ هَذِهِ الْمَعَانِي اعْتَلَلْت بِهِ صَحَّ الْقِيَاسُ عَلَيْهَا وَمِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ مَا
رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلَاقًا بَائِنًا فَأَتَتْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا نَفَقَةَ لَك وَلَا سُكْنَى قَالَ فَأَخْبَرْت بِذَلِكَ النَّخَعِيّ فَقَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَخْبَرَ بِذَلِكَ فَقَالَ لَسْنَا بِتَارِكِي آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَعَلَّهَا أُوهِمَتْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ
وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةَ
فَذَكَرْت ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ قَدْ رُفِعَ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ فَقَالَ لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا وَلَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ فَقَدْ نَصَّ هَذَانِ الْخَبَرَانِ عَلَى إيجَابِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى وَفِي الْأَوَّلِ سَمِعْت
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ
وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ كَانَ قَوْلُهُ لَا نَدَعُ كِتَابَ ربنا وسنة نبينا يقضى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ نَصًّا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إيجَابِهِمَا وَاحْتَجَّ الْمُبْطِلُونَ لِلسُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ وَمَنْ نَفَى النَّفَقَةَ دُونَ السُّكْنَى بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ هَذَا وَهَذَا حَدِيثٌ قَدْ ظَهَرَ مِنْ السَّلَفِ النَّكِيرُ عَلَى رَاوِيهِ وَمِنْ شَرْطِ قَبُولِ أَخْبَارِ الْآحَادِ تَعَرِّيهَا مِنْ نَكِيرِ السَّلَفِ أَنْكَرَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ وَرَوَى الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ مَرْوَانَ ذكر لعائشة حديث فاطمة بنت قيس فقال لَا يَضُرُّك أَنْ لَا تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ وَقَالَتْ فِي بَعْضِهِ مَا لِفَاطِمَةَ خَيْرٌ فِي أَنْ تَذْكُرَ هَذَا الْحَدِيثَ يَعْنِي قَوْلَهَا لَا سُكْنَى لَك وَلَا نَفَقَةَ وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ تِلْكَ امْرَأَةٌ فَتَنَتْ النَّاسَ اسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا بِلِسَانِهَا فَأُمِرَتْ بِالِانْتِقَالِ وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ أَنْكَرَ النَّاسُ عَلَيْهَا مَا كَانَتْ تُحَدِّثُ بِهِ
وَرَوَى الْأَعْرَجُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَهَا اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ
قَالَ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ يَقُولُ كَانَ أُسَامَةُ إذَا ذَكَرَتْ فَاطِمَةُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا رَمَاهَا بِمَا كَانَ فِي يَدِهِ فَلَمْ يَكُنْ يُنْكِرُ عَلَيْهَا هَذَا النَّكِيرَ إلَّا وَقَدْ عَلِمَ بُطْلَانَ مَا روته
وروى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute