للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إتْلَافِ النَّفْسِ قِيل لَهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمِثْلِ وَالْقِصَاصِ جَمِيعَ الْأَمْرَيْنِ بِأَنْ يُفْعَلَ بِهِ مِثْلُ مَا فَعَلَ بِالْمَقْتُولِ ثُمَّ يُقْتَلَ وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ عَلَى الِانْفِرَادِ غَيْرَ مَجْمُوعٍ إلَى الْآخَرِ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُ وَهُوَ غَيْر مُنَافٍ لِحُكْمِ الْآيَةِ وَأَمَّا إذَا جَمَعَهُمَا فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا عَلَى وَجْهِ الْجَمْعِ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ حَدِّ الْقِصَاصِ وَالْمِثْلِ بَلْ يَكُونُ زَائِدًا عَلَيْهِ وَغَيْرُ جَائِزٍ تَأْوِيلُ الْآيَةِ عَلَى مَعْنًى يُضَادُّهَا وَيَنْفِي حُكْمَهَا فَلِذَلِكَ امْتَنَعَ إرَادَةُ الْقَتْلِ بِالسَّيْفِ بَعْدَ الرَّضْخِ وَالتَّغْرِيقِ وَالْحَبْسِ وَالْإِجَاعَةِ

وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي عَازِبٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا قَوَدَ إلَّا بِالسَّيْفِ

وَهَذَا الْخَبَرُ قَدْ حَوَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا بَيَانُ مُرَادِ الْآيَةِ فِي ذِكْرِ الْقِصَاصِ وَالْمِثْلِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ ابْتِدَاءُ عُمُومٍ يُحْتَجُّ بِهِ فِي نَفْيِ الْقَوَدِ بِغَيْرِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا

رَوَى يَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُسْتَقَادُ مِنْ الْجِرَاحِ حَتَّى تَبْرَأَ

وَهَذَا يَنْفِي قَوْلَ الْمُخَالِفِ لَنَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُفْعَلَ بِالْجَانِي كَمَا فَعَلَ لَمْ يَكُنْ لِاسْتِثْنَائِهِ وَجْهٌ فَلَمَّا ثَبَتَ الِاسْتِثْنَاءُ دَلَّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْجِرَاحَةِ مُعْتَبَرٌ بِمَا يَئُولُ إلَيْهِ حَالُهَا فَإِنْ قِيلَ يَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ قِيلَ لَهُ هَذَا قَوْلُ جُهَّالٍ لَا يُلْتَفَتُ إلَى جَرْحِهِمْ وَلَا تَعْدِيلِهِمْ وَلَيْسَ ذَلِكَ طَرِيقَةَ الْفُقَهَاءِ فِي قَبُولِ الْأَخْبَارِ وَعَلَى أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيَّ قَدْ ذَكَر عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ أَحَبُّ إلَيَّ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا

رَوَى خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ

فَأَوْجَبَ عُمُومُ لَفْظِهِ أَنَّ مَنْ لَهُ قَتْلُ غَيْرِهِ أَنْ يَقْتُلَهُ بِأَحْسَنِ وُجُوهِ الْقَتْلِ وَأَوْحَاهَا وَأَيْسَرِهَا وَذَلِكَ يَنْفِي تَعْذِيبَهُ وَالْمُثْلَةَ بِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا

رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُتَّخَذَ شَيْءٌ مِنْ الْحَيَوَانِ غَرَضًا

فَمَنَعَ بِذَلِكَ أَنْ يُقْتَلَ الْقَاتِلُ رَمْيًا بِالسِّهَامِ وَحُكِيَ أَنَّ الْقَسْمَ بْنَ مَعْنٍ حَضَرَ مَعَ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ بَعْضِ السَّلَاطِينِ فَقَالَ مَا تَقُولُ فِيمَنْ رَمَى رَجُلًا بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ قَالَ يُرْمَى فَيُقْتَلُ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ بِالرَّمْيَةِ الْأُولَى قَالَ يُرْمَى ثَانِيًا قَالَ أَفَتَتَّخِذُهُ غَرَضًا

وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَّخَذَ شَيْءٌ مِنْ الْحَيَوَانِ غَرَضًا

قَالَ شَرِيكٌ لَمْ يموق فَقَالَ الْقَسْمُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذَا مَيْدَانٌ إنْ سَابَقْنَاكَ فِيهِ سَبَقْتَنَا يَعْنِي الْبَذَاءَ وَقَامَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا

رَوَى عِمْرَانُ بن حصين وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُثْلَةِ وَقَالَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>