الْمُخْتَلِفَةُ
قَدْ رُوِيَتْ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا تُسَافِرْ امْرَأَةٌ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ)
وَرَوَى كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ لَا تَخْرُجُ امْرَأَةٌ مِنْ مَسِيرَةِ لَيْلَةٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ)
وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَخْبَارِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ إنَّمَا هُوَ خبر واحد اختلفت الرواية في لفظه ولم يثبت أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ فِي أَحْوَالٍ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ خَبَرُ الزَّائِدِ أَوْلَى وَهُوَ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَمَا دُونَهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَلَا يَثْبُتُ لِاخْتِلَافِ الرُّوَاةِ فيه وأخبار ابن عمر لاختلاف فِيهَا فَهِيَ ثَابِتَةٌ وَفِيهَا ذِكْرُ الثَّلَاثِ وَلَوْ أَثْبَتْنَا ذِكْرَ أَخْبَارِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى اخْتِلَافِهَا لَكَانَ أَكْثَرُ أَحْوَالِهَا أَنْ تَتَضَادَّ وَتَسْقُطَ كَأَنَّهَا لَمْ تَرِدْ وَتَبْقَى لَنَا أَخْبَارُ ابْنِ عُمَرَ فِي اعْتِبَارِ الثَّلَاثِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ فَإِنْ قِيلَ أَخْبَارُ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ غَيْرُ مُتَعَارِضَةٍ لِأَنَّا نُثْبِتُ جَمِيعَ مَا روى فيها من التوقيف فَنَقُولُ لَا تُسَافِرْ يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ وَلَا ثَلَاثَةً قِيلَ لَهُ مَتَى اسْتَعْمَلْتَ مَا دُونَ الثَّلَاثِ فَقَدْ أَلْغَيْتَ الثَّلَاثَ وَجَعَلْتَ وُرُودَهَا وَعَدَمَهَا بِمَنْزِلَةٍ فَأَنْتَ غَيْرُ مُسْتَعْمِلٍ لِخَبَرِ الثَّلَاثِ مَعَ اسْتِعْمَالِكَ خَبَرَ مَا دُونَهَا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا اسْتِعْمَالَ بَعْضِهَا وَإِلْغَاءَ الْبَعْضِ فَاسْتِعْمَالُ خَبَرِ الثَّلَاثِ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الزِّيَادَةِ وَأَيْضًا قَدْ يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُ الثَّلَاثِ مَعَ إثْبَاتِ فَائِدَةِ الْخَبَرِ فِي الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَهُوَ أَنَّهَا مَتَى أَرَادَتْ سَفَرَ الثَّلَاثِ لَمْ تَخْرُجْ الْيَوْمَ وَلَا الْيَوْمَيْنِ مِنْ الثَّلَاثِ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّهُ لما حد الثلاث فمباح لها الخروج يوم أَوْ يَوْمَيْنِ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ وَإِنْ أرادت سفر الثلاث فأبان صلّى الله عليه وسلم حَظْرَ مَا دُونَهَا مَتَى أَرَادَتْهَا وَإِذَا ثَبَتَ تَقْدِيرُ الثَّلَاثِ فِي حَظْرِ الْخُرُوجِ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ثَبَتَ ذَلِكَ تَقْدِيرًا فِي إبَاحَةِ الْإِفْطَارِ فِي رَمَضَانَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ كُلَّ مَنْ اعْتَبَرَ فِي خُرُوجِ الْمَرْأَةِ الثَّلَاثَ اعْتَبَرَهَا فِي إبَاحَةِ الْإِفْطَارِ وَكُلُّ مَنْ قَدَّرَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ كَذَلِكَ قَدَّرَهُ فِي الْإِفْطَارِ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّ الثَّلَاثَ قَدْ تَعَلَّقَ بِهَا حُكْمٌ وَمَا دُونَهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمٌ فِي الشَّرْعِ فَوَجَبَ تَقْدِيرُهَا فِي إبَاحَةِ الْإِفْطَارِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ خُرُوجِ سَاعَةٍ مِنْ النَّهَارِ وَأَيْضًا
ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْمَسْحِ لِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا
وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ وَرَدَ مَوْرِدَ بَيَانِ الْحُكْمِ لِجَمِيعِ الْمُسَافِرِينَ لِأَنَّ مَا وَرَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute