يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ] قَالَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي كَانَ يُطِيقُ الصَّوْمَ وَهُوَ شَابٌّ فَأَدْرَكَهُ الْكِبَرُ وَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصُومَ مِنْ ضَعْفٍ وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَتْرُكَ الطَّعَامَ فَيُفْطِرَ وَيُطْعِمَ عَنْ كُلِّ يَوْمِ مِسْكِينًا نِصْفَ صَاعٍ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مِثْلُهُ وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقْرَأُ [وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ] وَرَوَى خَالِدُ الْحَذَّاءِ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ [وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ] قَالَ إنَّهَا لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ
وَرَوَى الْحَجَّاجُ عَنْ أبى إسحاق عن الحرث عن على [وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ] قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَتْ الْفِرْقَةُ الْأُولَى مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَهُمْ الْأَكْثَرُونَ عَدَدًا إنَّ فَرْضَ الصَّوْمِ بَدِيًّا نَزَلَ عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ لِمَنْ يُطِيقُهُ بَيْنَ الصِّيَامِ وَبَيْنَ الْفِدْيَةِ وَإِنَّهُ نُسِخَ عَنْ الْمُطِيقِ بِقَوْلِهِ [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] وَقَالَتْ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ بَلْ هِيَ ثَابِتَةٌ عَلَى الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ يُفْطِرَانِ وَيَقْضِيَانِ وَعَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ مَعَ الْقَضَاءِ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَعِكْرِمَةُ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ يَقْرَءُونَهَا [وَعَلَى الذين يطوقونه] فاحتمل هذا اللفظ معاني مِنْهَا مَا بَيَّنَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَرَادَ الَّذِينَ كَانُوا يُطِيقُونَهُ ثُمَّ كَبِرُوا فَعَجَزُوا عَنْ الصَّوْمِ فَعَلَيْهِمْ الْإِطْعَامُ وَالْمَعْنَى الْآخَرُ أَنَّهُمْ يُكَلَّفُونَهُ عَلَى مَشَقَّةٍ فِيهِ وَهَمَ لَا يُطِيقُونَهُ لِصُعُوبَتِهِ فَعَلَيْهِمْ الْإِطْعَامُ وَمَعْنًى آخَرُ وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ التَّكْلِيفِ يَتَعَلَّقَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُطِيقِينَ لِلصَّوْمِ فَيُقَوَّمُ لَهُمْ الْفِدْيَةُ مَقَامَ مَا لَحِقَهُمْ مِنْ حُكْمِ تَكْلِيفِ الصَّوْمِ أَلَا تَرَى أَنَّ حكم تكليف الطهارة بالماء قائم على التيمم وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ حَتَّى أُقِيمَ التُّرَابُ مَقَامَهُ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا كَانَ التَّيَمُّمُ بَدَلًا مِنْهُ وَكَذَلِكَ حُكْمُ تَكْلِيفِ الصَّلَاةِ قَائِمٌ عَلَى النَّائِمِ وَالنَّاسِي فِي بَابِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ لَا عَلَى وَجْهٍ لَزِمَهُ بِالتَّرْكِ فَلَمَّا أَوْجَبَ تَعَالَى عَلَيْهِ الْفِدْيَةَ فِي حَالِ الْعَجْزِ وَالْإِيَاسِ عَنْ الْقَضَاءِ أُطْلِقَ فِيهِ اسْمُ التَّكْلِيفِ بِقَوْلِهِ [وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ] إذْ كَانَتْ الْفِدْيَةُ هِيَ مَا قَامَ مَقَامَ غَيْرِهِ فَالْقِرَاءَتَانِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُسْتَعْمَلَتَانِ إلَّا أَنَّ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ [وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ] لَا مَحَالَةَ مَنْسُوخَةٌ لِمَا ذَكَرَهُ مَنْ رَوَيْنَا عَنْهُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَخْبَارِهِمْ عَنْ كَيْفِيَّةِ الْفَرْضِ وَصِفَتِهِ بَدِيًّا وَأَنَّ الْمُطِيقَ لِلصَّوْمِ مِنْهُمْ كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ الصِّيَامِ وَالْإِفْطَارِ وَالْفِدْيَةِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ طَرِيقِ الرَّأْيِ لِأَنَّهُ حِكَايَةُ حَالٍ شَاهَدُوهَا وَعَلِمُوا أَنَّهَا بِتَوْقِيفٍ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهُمْ عَلَيْهَا وَفِي مَضْمُونِ الْخِطَابِ مِنْ أَوْضَحِ الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَنَا رِوَايَةٌ عَنْ السَّلَفِ فِي مَعْنَاهُ لَكَانَ كَافِيًا فِي الْإِبَانَةِ عَنْ مُرَادِهِ وهو قوله تَعَالَى [وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ] فابتدأ تعالى بيان حُكْمِ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute